للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتْرُكَ عَلَيْهِمُ الْجِزْيَةَ؛ لِيَسْتَعِينُوا بِهَا عَلَى مَعُونَةِ الْمُسْلِمِينَ كَانَ الْأَوْلَى قَبْضُهَا مِنْهُمْ، وَرَدُّهَا عَلَيْهِمْ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَأَرْفَقَهُمْ بِتَرْكِهَا عَلَيْهِمْ جَازَ، وَكَانَ ذَلِكَ إِبْرَاءً مِنْهَا فِي وَقْتِهَا، وَلَمْ يَكُ إِسْقَاطًا لَهَا مِنْ أَصْلِهَا، فَإِذَا زَالَ السَّبَبُ عَادَ إِلَى أَخْذِهَا بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ.

(فَصْلٌ)

: وَإِذَا عُقِدَتِ الذِّمَّةُ مَعَ قَوْمٍ وَجَبَ الذَّبُّ عَنْهُمْ مِنْ كُلِّ مَنْ آذَاهُمْ مِنْ مُسْلِمٍ وَمُشْرِكٍ سَوَاءٌ اخْتَلَطُوا بِالْمُسْلِمِينَ أَوِ اعْتَزَلُوهُمْ، فَلَوْ عَجَّلَ الْإِمَامُ بِجِزْيَتِهِمْ، وَقَصَدَهُمُ الْعَدُوُّ، فَلَمْ يَذُبَّ عَنْهُمْ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ مِنْ جِزْيَتِهِمْ مَا قَابَلَ زَمَانَ مُتَارَكَتِهِمْ مَعَ عَدُوِّهِمْ دُونَ مَا عَدَاهُ، فَإِنِ اشْتَرَطُوا فِي عَقْدِ صُلْحِهِمْ أَنْ لَا يَذُبَّ أَهْلَ الْحَرْبِ عَنْهُمْ لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ إِنْ كَانُوا مُخْتَلِطِينَ بِالْمُسْلِمِينَ لِئَلَّا يَتَعَدَّى ذَلِكَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ، وَإِنِ اعْتَزَلُوا الْمُسْلِمِينَ بِقَرْيَةٍ انْفَرَدُوا بِسُكْنَاهَا، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمْ مُسْلِمٌ أَوْ مَالُ مُسْلِمٍ، أَوْ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ دَارِ الْحَرْبِ قَرْيَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ لَمْ يَصِحِّ هَذَا الشَّرْطُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ، وَلَا فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَهْلِ الْحَرْبِ مُسْلِمٌ حُمِلُوا عَلَى الشَّرْطِ فِي مُتَارِكَتِهِمْ مَعَ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَلَمْ يَلْزَمِ الذَّبُّ عَنْهُمْ إِلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَيْهِمُ الِاصْطِلَامَ، فَيَلْزَمُ اسْتِنْقَاذُ نُفُوسِهِمْ دُونَ أَمْوَالِهِمْ، لِأَنَّ لِلذِّمَّةِ حَقًّا فِي حِفْظِهَا، وَسَقَطَ حِفْظُ أَمْوَالِهِمْ بِالشَّرْطِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>