(شهادة النساء في تحمل كتب القضاة) .
وَلَا يُقْبَلُ فِي تَحَمُّلِ كُتُبِ الْقُضَاةِ وَأَدَائِهَا شَهَادَةُ النِّسَاءِ، وَإِنْ تَضَمَّنَتْ مِنَ الْحُقُوقِ مَا تُقْبَلُ فِيهَا شَهَادَةُ النِّسَاءِ.
وَجَوَّزَ بَعْضُ الْعِرَاقِيِّينَ قَبُولَ شَهَادَتِهِنَّ فِيهَا إِذَا تَضَمَّنَتْ مَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَتُهُنَّ مِنَ الْأَمْوَالِ.
وَهَذَا زَلَلٌ، مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا شَهَادَةٌ بِحُكْمٍ وَلَيْسَتْ بِمَالٍ.
وَالثَّانِي: أَنَّهَا مُجْرَاةٌ مَجْرَى الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ الَّتِي لَا يُقْبَلْنَ فِيهَا، فَلَمْ يُقْبَلْنَ فِيمَا أجرى مجراها.
(تنفيذ حكم الكتاب) .
فَإِذَا تَمَّتِ الشَّهَادَةُ عِنْدَ الْقَاضِي بِصِحَّةِ الْكِتَابِ وَقَبِلَهُ بِالشَّاهِدَيْنِ، وَقَّعَ بِخَطِّهِ فِيهِ بِالْقَبُولِ وَحَكَمَ بِهِ عَلَى الْخَصْمِ الْمَطْلُوبِ.
فَإِنْ كَانَ الْكِتَابُ بِمِلْكِ عَيْنٍ قَائِمَةٍ، مِنْ أَرْضٍ أَوْ دَارٍ، جَازَ أَنْ يُعِيدَ الْكِتَابَ إِلَى الطَّالِبِ الْمُسْتَحِقِّ لَهَا لِيَكُونَ حُجَّةً بَاقِيَةً فِي يَدِهِ.
فَإِنْ سَأَلَهُ الطَّالِبُ الْإِشْهَادَ عَلَى نَفْسِهِ فِيهِ بِقَبُولِهِ، وَالْحُكْمَ بِمَضْمُونِهِ، لَزِمَهُ الْإِشْهَادُ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ.
وَإِنْ كَانَ الْكِتَابُ بِدَيْنٍ فِي الذِّمَّةِ فَاسْتَوْفَاهُ الْقَاضِي لِطَالِبِهِ وَمُسْتَحِقِّهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُعِيدَ الْكِتَابَ إِلَى الطَّالِبِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ سَقَطَ حَقُّهُ فيه باستيفاء له.
(خَتْمُ كِتَابِ الْقَاضِي وَالْحُكْمُ إِذَا انْكَسَرَ الْخَتْمُ) .
[(مسألة)]
: قال الشافعي: " فَإِنِ انْكَسَرَ خَاتَمُهُ أَوِ انْمَحَى كِتَابُهُ شَهِدُوا بِعِلْمِهِمْ عَلَيْهِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، وَالْمَقْصُودُ بِالْكِتَابِ: حِفْظُ مَا فِيهِ مِنْ نِسْيَانٍ أَوْ خَطَأٍ وَالْمَقْصُودُ بِالْخَتْمِ: الِاحْتِيَاطُ وَالتَّكْرُمَةُ.
وَقَدْ قِيلَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: {إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ} [النمل: ٢٩] أَيْ مَخْتُومٌ.
وَالْمَعْمُولُ عَلَيْهِ فِي الْكِتَابِ مَا يَشْهَدُ بِهِ شَاهِدَاهُ.
فَإِنِ انْكَسَرَ الْخَتْمُ أَوِ امَّحَى الْكِتَابُ جَازَ لِلشَّاهِدَيْنِ أَنْ يَشْهَدَا بِمَا فِيهِ إِذَا حَفِظَاهُ.