للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي سَبْعِ سِنِينَ، وَقَالَ فِي كِتَابِ عِشْرَةِ النِّسَاءِ مِنَ النِّكَاحِ الْقَدِيمِ، إِذَا بَلَغَ سَبْعًا أَوْ ثَمَانِيَ سِنِينَ خُيِّرَ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْنِ، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى اخْتِلَافِ حَالَيْنِ فِي مُرَاعَاةِ أَمْرِهِ فِي ضَبْطِهِ وَتَحْصِيلِهِ وَمَعْرِفَتِهِ أَسْبَابَ الِاخْتِيَارِ، فَإِنْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِيهِ وَوَجَدَ لِسَبْعٍ لِفَرْطِ ذَكَائِهِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ لِبُعْدِ فِطْنَتِهِ خُيِّرَ فِي الثَّامِنَةِ عِنْدَ ظُهُورِ ذَلِكَ فِيهِ وَيَكُونُ مَوْكُولًا إِلَى رَأْيِ الْحَاكِمِ وَاجْتِهَادِهِ عِنْدَ التَّرَافُعِ إِلَيْهِ.

(فَصْلٌ)

وَأَمَّا الشُّرُوطُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الأبوين فخمسة يشترك الأبوان فيها وسادس تختص به الأم وسابع مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

أَحَدُهَا: الْحُرِّيَّةُ، لِأَنَّ الرِّقَّ يَمْنَعُ مِنَ اسْتِحْقَاقِ الْوِلَايَةِ، وَيُرْفَعُ الْحَجْرُ فِي حَقِّ السَّيِّدِ، فَإِنْ كَانَ الْأَبُ حُرًّا وَالْأُمُّ أَمَةً، أَوْ أُمَّ وَلَدٍ فَالْكَفَالَةُ لِلْأَبِ دُونَ الْأُمِّ، وَإِنْ كَانَتِ الْأُمُّ حُرَّةً وَالْأَبُ عَبْدًا أَوْ مُكَاتَبًا فَالْكَفَالَةُ لِلْأُمِّ دُونَ الْأَبِ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا كَامِلَ الرِّقِّ، وَالْآخِرُ بَعْضُهُ حُرٌّ وَبَعْضُهُ رَقِيقٌ فَلَا كَفَالَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا كَامِلَ الْحُرِّيَّةِ وَالْآخِرُ بَعْضُهُ حُرٌّ وَبَعْضُهُ مَرْقُوقٌ، فَالْكَفَالَةُ لِمَنْ كَمَلَتْ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ دُونَ مَنْ تَبَعَّضَتْ فِيهِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ أَسْقَطْتُمْ كَفَالَةَ مَنْ رُقَّ بَعْضُهُ، وَلَمْ تُسْقِطُوا تَخْيِيرَ الْوَلَدِ إِذَا رُقَّ بَعْضُهُ. قِيلَ: لِوُقُوعِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْكَفَالَةَ وِلَايَةٌ تَسْقُطُ بِقَلِيلِ الرِّقِّ، وَتَخْيِيرُ الْوَلَدِ لِطَلَبِ حَظِّهِ فَلَمْ يُمْنَعْ رِقُّ بَعْضِهِ مِنْ طَلَبِ حَظِّهِ فِي بَقِيَّةِ حُرِّيَّتِهِ، فَإِنْ عَتَقَ الْمَرْقُوقُ وَصَارَ حُرًّا اسْتَحَقَّ الْحَصَانَةُ، وَنَازَعَ فِيهَا مَنْ كَانَتْ لَهُ.

(فَصْلٌ)

وَالشَّرْطُ الثَّانِي: الْعَقْلُ الَّذِي تَصِحُّ بِهِ الْوِلَايَةُ، وَتَقُومُ مَعَهُ بِالْكَفَالَةِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَجْنُونًا أَوْ مَعْتُوهًا أَوْ مَخْبُولًا فَلَا كَفَالَةَ لَهُ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ مَكْفُولًا، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ كاملاً، فَلَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ بَعْدَ اسْتِحْقَاقِ الْكَفَالَةِ خَرَجَ مِنْهَا، فَأَمَّا الَّذِي يُجَنُّ زَمَانًا، وَيُفِيقُ زَمَانًا، فَلَا كَفَالَةَ لَهُ، لِأَنَّهُ فِي زَمَانِ الْجُنُونِ زَائِلُ الْوِلَايَةِ وَفِي زَمَانِ الْإِفَاقَةِ مُخْتَلُّ التَّدْبِيرِ، وَرُبَّمَا طَرَأَ جُنُونُهُ عَلَى عَقْلِهِ لَا يُؤْمَنُ معه على الولد إلا أَنْ يَقِلَّ جُنُونُهُ فِي الْأَحْيَانِ النَّادِرَةِ، وَلَا يُؤَثِّرُ فِي التَّمْيِيزِ بَعْدَ زَوَالِهِ، فَلَا يَمْنَعُ مِنَ الْكَفَالَةِ.

وَأَمَّا الْمَرَضُ فَإِنْ كَانَ طَارِئًا يُرْجَى زَوَالُهُ لَمْ يَمْنَعْ مِنَ اسْتِحْقَاقِ الْكَفَالَةِ، وَإِنْ كَانَ مُلَازِمًا كَالْفَالِجِ وَالسُّلِّ الْمُتَطَاوِلِ نُظِرَ فِيهِ، فَإِنْ أَثَّرَ فِي عَقْلِهِ أَوْ تَشَاغَلَ بِشِدَّةِ أَلَمِهِ فَلَا كَفَالَةَ لَهُ لِقُصُورِهِ عَنْ مُرَاعَاةِ الْوَلَدِ وَتَرْبِيَتِهِ، وَإِنْ أَثَّرَ فِي قُصُورِ حَرَكَتِهِ مَعَ صِحَّةِ عَقْلِهِ وَقِلَّةِ أَلَمِهِ رُوعِيَتْ حَالُهُ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُبَاشِرُ كَفَالَتَهُ بِنَفْسِهِ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْهَا لِمَا يَدْخُلُ عَلَى الْوَلَدِ مِنَ التَّقْصِيرِ فِيهَا وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُرَاعِي بِنَفْسِهِ التَّدْبِيرَ، وَيَسْتَنِيبُ فِيمَا تَقْتَضِيهِ الْمُبَاشَرَةُ. كَانَ عَلَى حَقِّهِ مِنَ الْكَفَالَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ أَبًا أَوْ أُمًّا، فَلَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ وَبَرَأَ الْمَرِيضُ عاد إِلَى حَقِّهِمَا مِنَ الْكَفَالَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>