للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا اسْتِعْمَالُهَا فَمِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا مُسْتَعْمَلَةٌ عَلَى مَا بَعْدَ السَّلَامِ فِي التَّشَهُّدِ وَهُوَ قول سَلَامٌ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ

وَالثَّانِي: أَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّهُ نَسِيَ السَّهْوَ ثُمَّ ذَكَرَهُ بَعْدَ سَلَامِهِ فَأَتَى بِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ أَنَّهُ إِذَا فَعَلَهُ قَبْلَ السَّلَامِ ثُمَّ سَهَا بعده لم يخل حاله من أحد الأمرين:

قُلْنَا: فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ سُجُودٌ وَاقِعٌ عَنِ السَّهْوِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَالَّذِي بَعْدَهُ

وَالثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ إِنَّهُ يَسْجُدُ لِهَذَا السَّهْوِ، وَلَا يُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَّا أَنَّ السُّجُودَ الْأَوَّلَ لَا يَنُوبُ عَنْ جَمِيعِ السَّهْوِ، لِأَنَّا نَقُولُ: إِنَّ سَجْدَتِيِ السَّهْوِ تَنُوبُ عَنْ جَمِيعِ السَّهْوِ فِي الْغَالِبِ وَوُقُوعُ السَّهْوِ بَعْدَ السُّجُودِ وَقَبْلَ السَّلَامِ نَادِرٌ فَجَازَ السُّجُودُ لَهُ، وَأَمَّا اسْتِعْمَالُ مَالِكٍ فَلَا يَصِحُّ، لِأَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ يُوجِبُ سُجُودَ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ مَعَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّ الزِّيَادَةَ تَمْنَعُ مِنْ سُجُودِ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ فَغَلَطٌ، لِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِيهَا نُقْصَانٌ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً عَامِدًا أَوْ زَادَ عَلَيْهَا رَكْعَةً عَامِدًا أَبْطَلَتْ صَلَاتَهُ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ نُقَصَانًا وَجَبَ أَنْ يكون السجود له في الصلاة جبراناً

[(مسألة)]

: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ فِي الْخَامِسَةِ سَجَدَ أَوْ لَمْ يَسْجُدْ قَعَدَ فِي الرَّابِعَةِ أَوْ لَمْ يَقْعُدْ فَإِنَّهُ يَجْلِسُ لِلرَّابِعَةِ، وَيَتَشَهَّدُ، وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ "

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: صُورَتُهَا فِي رَجُلٍ قَامَ إِلَى خَامِسَةٍ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ يَظُنُّهَا رَابِعَةً ثُمَّ ذَكَرَ سَهْوَهُ وَعَلِمَ أَنَّهُ فِي خَامِسَةٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ إِلَى جُلُوسِهِ فِي الرَّابِعَةِ سَوَاءٌ جَلَسَ فِيهَا أَمْ لَا، سَجَدَ فِي الْخَامِسَةِ أَوْ لَمَ يَسْجُدْ

وَقَالَ أبو حنيفة: إِنْ كَانَ لَمْ يَسْجُدْ يَجْلِسُ فِي الرَّابِعَةِ وَلَمْ يَسْجُدْ فِي الْخَامِسَةِ عَادَ إِلَى جُلُوسِهِ فِي الرَّابِعَةِ بِنَاءً عَلَى صَلَاتِهِ وَإِنْ سَجَدَ فِي الْخَامِسَةِ قَبْلَ جُلُوسِهِ فِي الرَّابِعَةِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ لِبُطْلَانِ عَمَلِهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ جَلَسَ فِي الرَّابِعَةِ وَلَمْ يَسْجُدْ فِي الْخَامِسَةِ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ وَهُوَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ خَرَجَ مِنَ الْخَامِسَةِ، وَإِنْ شَاءَ بَنَى عَلَيْهَا، وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ جَلَسَ فِي الرَّابِعَةِ وَسَجَدَ فِي الْخَامِسَةِ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَضُمَّ إِلَى هَذِهِ الرَّكْعَةِ رَكْعَةً ثَانِيَةً يَكُونَانِ لَهُ نَافِلَةً بِنَاءً عَلَى أَصْلَيْنِ لَهُ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْجُلُوسَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ هُوَ الْوَاجِبُ فِي الصَّلَاةِ دُونَ التَّشَهُّدِ وَالسَّلَامِ، فَإِذَا فَعَلَهُ وَقَامَ إِلَى خَامِسَةٍ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ

وَالثَّانِي: أَنَّهُ إِذَا سَجَدَ فِي الْخَامِسَةِ صَارَ دَاخِلًا فِي نَافِلَةٍ ومكن

<<  <  ج: ص:  >  >>