للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيلَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْأَرْضَ الْمَشْغُولَةَ بِزَرْعِ الْبَائِعِ مَقْدُورٌ عَلَى تَسْلِيمِهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهَا لِغَيْرِهِ يَدٌ مَانِعَةٌ فَصَحَّ بَيْعُهَا قَوْلًا وَاحِدًا وَالْأَرْضُ الْمُسْتَأْجَرَةُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهَا؛ لِأَنَّ عليها للمستأجر يد مَانِعَةً فَبَطَلَ بَيْعُهَا عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ. فَلَوْ شُرِطَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ دُخُولُ الْبَذْرِ، فَإِنْ كَانَ يَجْهَلُ حَالَ الْبَذْرِ فِي جِنْسِهِ وَصِفَتِهِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ عَلِمَهُ فَعَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ لِأَنَّهُ تَبَعٌ.

وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ فَعَلَى هَذَا إِذَا بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الْبَذْرِ فَفِي بُطْلَانِهِ فِي الْأَرْضِ قَوْلَانِ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.

وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ أَبْطَلَ الْبَيْعَ فِيهَا قَوْلًا وَاحِدًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

مَسْأَلَةٌ:

قَالَ الشافعي رحمه الله تعالى: " وَإِنْ كَانَتْ فِيهَا حِجَارَةٌ مُسْتَوْدَعَةٌ فَعَلَى الْبَائِعِ نَقْلُهَا وَتَسْوِيَةُ الْأَرْضِ عَلَى حَالِهَا لَا يَتْرُكُهَا حُفَرًا وَلَوْ كَانَ غَرَسَ عَلَيْهَا شَجَرًا فَإِنْ كَانَتْ تُضِرُّ بِعُرُوقِ الشَّجَرِ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُضِرُّ بِهَا وَيَضُرُّهَا إِذَا أَرَادَ قَلْعَهَا قِيلَ لِلْبَائِعِ أَنْتَ بِالْخِيَارِ إِنْ سَلَّمْتَهَا فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَإِنْ أَبَيْتَ قِيلَ لِلْمُشْتَرِي أَنْتَ بِالْخِيَارِ فِي الرَّدِ أَوْ يَقْلَعُهُ وَيَكُونَ عَلَيْهِ قِيمَةُ مَا أَفْسَدَ عَلَيْكَ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ:

إِذَا ابْتَاعَ أَرْضًا فَظَهَرَتْ فِيهَا حِجَارَةٌ لَمْ يَخْلُ حَالُهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ مَخْلُوقَةً فِي الْأَرْضِ.

وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ مَبْنِيَّةً فِيهَا.

وَالثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ مُسْتَوْدَعَةً فِيهَا.

فَإِنْ كَانَتِ الْحِجَارَةُ مَخْلُوقَةً فِي الْأَرْضِ فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي الْبَيْعِ كَمَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ قَرَارُ الْأَرْضِ وَطِينُهَا، ثُمَّ لَا يخلو حالها إذا كانت مخلوقة من ثلاثة أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ الْحِجَارَةُ مُضِرَّةً بِالْأَرْضِ فِي الْغَرْسِ وَالزَّرْعِ جَمِيعًا فَهَذَا عَيْبٌ يَسْتَحِقُّ الْمُشْتَرِي بِهِ خِيَارَ الْفَسْخِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ مَبِيعَةً لِغَيْرِ الْغِرَاسِ وَالزَّرْعِ.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ تَكُونَ الْحِجَارَةُ غَيْرَ مُضِرَّةٍ بِالْغِرَاسِ وَلَا بِالزَّرْعِ لِبُعْدِ مَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ وَجْهِ الْأَرْضِ بِحَيْثُ لَا يَصِلُ إِلَيْهَا عِرْقُ زَرْعٍ وَلَا غَرْسٍ فَلَيْسَ هَذَا بِعَيْبٍ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ تَكُونَ الْحِجَارَةُ مُضِرَّةً بِالْغِرَاسِ لِوُصُولِ عُرُوقِهِ إِلَيْهَا وَغَيْرَ مُضِرَّةٍ بِالزَّرْعِ لِبُعْدِ عُرُوقِهِ مِنْهَا فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ عَيْبًا يُوجِبُ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: هُوَ عَيْبٌ لِأَنَّهُ قَدْ مَنَعَ بَعْضَ منافعها.

<<  <  ج: ص:  >  >>