للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَرُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَكَّلَ أَبَا رَافِعٍ فِي تَزْوِيجِ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ. وَوَكَّلَ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ فِي تَزْوِيجِ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ.

وَرُوِيَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكَّلَ أَخَاهُ عَقِيلًا وَقَالَ إِنَّ لِلْخُصُومَاتِ قُحَمًا وَإِنَّهَا لَتَخْلُفُ وَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَحْضُرُهَا وَإِنِّي إِنْ حضرت خفت وأن أغضب إن غَضِبْتُ خِفْتُ أَلَّا أَقُولَ حَقًّا وَقَدْ وَكَّلْتُ أَخِي عَقِيلًا فَمَا قُضِيَ عَلَيْهِ فَعَلَيَّ وَمَا قُضِيَ لَهُ فَلِي.

قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَا أَحْسَبُهُ كَانَ تَوْكِيلُهُ إِلَّا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَلَعَلَّ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ.

وَرُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَّلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ عِنْدَ عُثْمَانَ لَمَّا كَبُرَ عَقِيلٌ فِي شِرْبٍ كَانَ يُنَازِعُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ فَرَكِبَ عُثْمَانُ فِي نَفَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَا يَتَحَاكَمَانِ فِيهِ حَتَّى أَصْلَحَ بَيْنَهُمَا فِي الشِّرْبِ فَصَارَ هَذَا إِجْمَاعًا مِنْهُمْ عَلَى جَوَازِ الْوَكَالَةِ.

وَلِأَنَّ الْوَكَالَةَ مَعُونَةٌ إِمَّا لِمَنْ أَحَبَّ صِيَانَةَ نَفْسِهِ عَنِ الْبِذْلَةِ فِيهَا وَإِمَّا لِمَنْ عَجَزَ عَنِ الْقِيَامِ بِهَا وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ مُبَاحٌ وَحَاجَةُ النَّاسِ إِلَيْهِ أَشَدُّ مَاسَّةً.

(فَصْلٌ)

فَإِذَا ثَبَتَ جَوَازُ الْوَكَالَةِ فَالْوَكَالَةُ فِي اللُّغَةِ اسْمٌ يَنْطَلِقُ عَلَى الْحِفْظِ وَالْمُرَاعَاةِ لِمَا عَلَى الْوَكِيلِ مِنْ حفظ كل فِيهِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلا} [النساء: ٣٩] أَيْ حَفِيظًا.

وَقَالَ تَعَالَى: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: ١٧٣] أَيِ الْحَفِيظُ.

وَلِأَنَّ الْوَكَالَةَ فِي الشَّرْعِ: إِنَّمَا هِيَ إِقَامَةُ الْوَكِيلِ مَقَامَ مُوَكِّلِهِ فِي الْعَمَلِ الْمَأْذُونِ فيه.

[(مسألة)]

قال المزني رضي الله عنه: " فَلِلنَّاسِ أَنْ يُوَكِّلُوا فِي أَمْوَالِهِمْ وَطَلَبِ حُقُوقِهِمْ وَخُصُومَاتِهِمْ وَيُوصُوا بِتَرِكَاتِهِمْ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ.

وَجُمْلَةُ الْوَكَالَةِ أَنَّهَا لَا تَتِمُّ إِلَّا بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: - بِمُوَكِّلٍ، وَوَكِيلٍ، وَمُوَكَّلٍ فِيهِ.

فَبَدَأَ الْمُزَنِيُّ بِمَا يَصِحُّ فِيهِ التَّوَكُّلُ، فَيَبْدَأُ بِتَفْضِيلِهِ، ثُمَّ يَذْكُرُ الْفَصْلَيْنِ الْآخَرَيْنِ بَعْدَهُ، حَيْثُ ذَكَرَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>