صِفَةَ الْأَدَاءِ وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ كَالْمَرَضِ، وَأَمَّا تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ. فَرَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِآيَةِ الْخَوْفِ فَلَوْ قَدَرَ عَلَى اسْتِقْبَالِهَا رَاكِبًا وَعَلَى اسْتِدْبَارِهَا نَازِلًا لَاسْتَقْبَلَهَا رَاكِبًا لِأَنَّ فَرْضَ الِاسْتِقْبَالِ أَوْكَدُ من فرض القيام.
[(مسألة)]
: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ صَلَّى عَلَى فَرَسِهِ فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ رَكْعَةً ثُمَّ أَمِنَ نَزَلَ فَصَلَّى أُخْرَى مُوَاجِهَةَ القبلة وإن صلى ركعة آمنا ثم سار إلى شدة الخوف فركب. ابتدأ لأن عمل النزول خفيف والركوب أكثر من النزول (قال المزني) قلت أنا قد يكون الفارس أخف ركوبا وأقل شغلا لفروسيته من نزول ثقيل غير فارس ".
قال الماوردي: وإذ ابتدأ الصلاة خائفا على فرسه فصلى بعضا إِلَى الْقِبْلَةِ وَإِلَى غَيْرِ قِبْلَةٍ ثُمَّ أَمِنَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَنْزِلَ وَيَبْنِيَ عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِ كَالْمَرِيضِ الَّذِي يُصَلِّي جَالِسًا لِعَجْزِهِ ثُمَّ يَصِحُّ فَأَمَّا إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ آمِنًا مستقبلا للقبلة وأظله العدو فخاف فركب فرسه.
قال الشافعي: ها هنا اسْتِئْنَافُ الصَّلَاةِ، وَعَلَّلَ بِأَنْ قَالَ الرُّكُوبُ عَمَلٌ كَثِيرٌ، وَقَالَ فِي كِتَابِ الْأُمِّ: بَنَى عَلَى صَلَاتِهِ.
وَكَانَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ وَأَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِنَا يَحْمِلُونَ ذَلِكَ عَلَى اخْتِلَافِ حَالَيْنِ فَالْمَوْضِعُ الَّذِي أَبْطَلَ صَلَاتَهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ اسْتِئْنَافُهَا إِذَا رَكِبَ مُخْتَارًا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ دَاعِيَةٍ، وَالْمَوْضِعُ الَّذِي لَمْ يُبْطِلْهَا وَأَجَازَ لَهُ الْبِنَاءَ عَلَيْهَا إِذَا دَعَتْهُ الضَّرُورَةُ إِلَى الرُّكُوبِ وَشِدَّةُ الْخَوْفِ وَهُجُومُ الْعَدُوِّ، فَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا، فَأَمَّا الْمُزَنِيُّ فَإِنَّهُ اعْتَرَضَ عَلَى تَعْلِيلِ الشَّافِعِيِّ لِيُفْسِدَهُ. فَقَالَ: " قَدْ يَكُونُ رُكُوبُ الْفَارِسِ السَّرِيعِ النَّهْضَةِ أَخَفَّ مِنْ نُزُولِ غَيْرِهِ ".
وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ يَفْسُدُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يَعْتَبِرْ رُكُوبَ وَاحِدٍ وَنُزُولَ غَيْرِهِ وإنما اعتبر ركوبه بنزوله ومن حق رُكُوبُهُ كَانَ نُزُولُهُ أَخَفَّ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَصَدَ بِتَعْلِيلِهِ غَالِبَ أَحْوَالِ النَّاسِ دُونَ مَنْ شذ منهم وَنَدَرَ وَغَالِبُ أَحْوَالِهِمْ ثِقَلُ رُكُوبِهِمْ وَخِفَّةُ نُزُولِهِمْ فَصَحَّ تَعْلِيلُ الشَّافِعِيِّ وَبَطَلَ اعْتِرَاضُ الْمُزَنِيِّ.
(مَسْأَلَةٌ)
: قال الشافعي رضي الله عنه: " ولا بأس أَنْ يَضْرِبَ فِي الصَّلَاةِ الضَّرْبَةَ وَيَطْعَنَ الطَّعْنَةَ فأما إن تابع الضرب أو ردد الطَّعْنَةَ فِي الْمَطْعُونِ أَوْ عَمِلَ مَا يَطُولُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا إِذَا ضَرَبَ ضَرْبَةً أَوْ ضَرْبَتَيْنِ أَوْ طَعْنَةً أَوْ طَعْنَتَيْنِ دَافِعًا عَنْ نَفْسِهِ وَنَاكِيًا فِي عَدُوِّهِ فَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ يَجُوزُ مِثْلُهُ فِي غَيْرِ صَلَاةِ الْخَوْفِ فَكَانَ جَوَازُهُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ أولى فأما إن تابع الضَّرْبَ وَكَرَّرَ الطَّعْنَ حَتَّى طَالَ وَكَثُرَ فَعَلَى قول أبي عباس