أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَلْزَمُ الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا قَوْلًا وَاحِدًا لِاخْتِلَافِ الْمُعْتَقَدَيْنِ كَمَا لَوْ كَانَتْ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُشْبِهُ قَوْلَ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ أن يَكُونَ عَلَى الْأَقَاوِيلِ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلُّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ.
(فَصْلٌ)
وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ الْإِسْلَامُ وَهَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي الْإِحْصَانِ أَمْ لَا؟ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ:
أَحَدُهَا: وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْإِحْصَانِ، وَأَنَّ الْكَافِرَ إِذَا أَصَابَ كافرة في عقد صَارَا مُحْصَنَيْنِ، فَإِنْ زَنَيَا فَحَدُّهُمَا الرَّجْمُ.
وَالثَّانِي: وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْإِسْلَامَ شَرْطٌ فِي الْإِحْصَانِ، فَإِذَا أَصَابَ الْكَافِرُ كَافِرَةً فِي عَقْدِ نِكَاحٍ لَمْ يَتَحَصَّنْ بِهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَحَدُّهُمَا إِذَا زَنَيَا الْجَلْدُ، وَإِنْ أَصَابَ مُسْلِمٌ كَافِرَةً فِي عَقْدِ نِكَاحٍ لَمْ يَتَحَصَّنْ وَاحِدٌ منهما، فأيهما زنا فَحَدُّهُ الْجَلْدُ.
وَالثَّالِثُ: مَا قَالَهُ مَالِكٌ أَنَّ الإصابة في نكاح الإسلام شبيه فِي الْإِحْصَانِ، فَإِنْ أَصَابَ الْكَافِرُ كَافِرَةً فِي عَقْدِ نِكَاحٍ فِي الْكُفْرِ لَمْ يَتَحَصَّنْ بِهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا. وَإِنْ أَصَابَ الْمُسْلِمُ كَافِرَةً فِي عَقْدِ نِكَاحٍ تَحَصَّنَ بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فأيهما زنا رُجِمَ وَبَنَى ذَلِكَ عَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّ مَنَاكِحَ الشِّرْكِ بَاطِلَةٌ، وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي جَوَازِهَا وَالْعَفْوِ عَنْهَا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ، وَمَضَى مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي أَوَّلِ هَذَا الْكِتَابِ وبالله التوفيق.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute