للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنْ كَانَ حُرًّا جَازَ بَيْعُهَا دُونَ وَلَدِهَا بَعْدَ اسْتِغْنَائِهِ عَنِ ارْتِضَاعِ اللِّبَأِ وَمَا لَا قِوَامَ لِبَدَنِهِ إِلَّا بِهِ.

وَإِنَّمَا جَازَ بَيْعُهَا دُونَ وَلَدِهَا لِحُرِّيَّةِ الْوَلَدِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ بَيْعُهُ مَعَهَا وَلَا يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ أَنْ يُمْسِكَ عَنْ بَيْعِهَا فِي حَقِّهِ لِأَجْلِ وَلَدِهِ إِلَى حِينِ نُشُوئِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَأْخِيرِ حَقٍّ عَاجِلٍ.

وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ مَمْلُوكًا لَمْ يَجُزْ أَنْ تُبَاعَ دُونَ وَلَدِهَا لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ مَعَهَا فَإِذَا بِيعَا مَعًا أُعْطِيَ الْمُرْتَهِنُ مِنْ ثَمَنِهَا مَا قَابَلَ ثَمَنَ الْأُمِّ دُونَ الْوَلَدِ وَأَخَذَ الرَّاهِنُ مَا قَابَلَ ثَمَنَ الْوَلَدِ.

فهذا حكم بيعها في ملك الراهن.

(فَصْلٌ)

فَأَمَّا إِذَا مَلَكَهَا الْمُرْتَهِنُ، فَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا غَيْرَ لَاحِقٍ بِالْمُرْتَهِنِ، لَمْ تَصِرْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ لَا يُخْتَلَفُ وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا لَاحِقًا بِالْمُرْتَهِنِ فَهَلْ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الذي نقله المزني هاهنا وَرَوَاهُ حَرْمَلَةُ: أَنَّهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ؛ لِأَنَّهَا عَلِقَتْ مِنْهُ بِحُرٍّ، فَوَجَبَ أَنْ تَصِيرَ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ، كَمَا لَوْ عَلِقَتْ مِنْهُ بِحُرٍّ فِي مِلْكِهِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: رَوَاهُ الرَّبِيعُ وَغَيْرُهُ وهو أصح: أَنَّهَا لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ لِأَنَّهَا عَلِقَتْ مِنْهُ فِي غَيْرِ مِلْكٍ، فَوَجَبَ أَلَّا تَصِيرَ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ كَمَا لَوْ عَلِقَتْ مِنْهُ فِي نِكَاحٍ.

وَجُمْلَتُهُ أَنَّ عُلُوقَ الْأَمَةِ بِوَلَدٍ يَلْحَقُ بِالْوَاطِئِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ تَعْلَقَ بِهِ فِي مِلْكِ الْوَاطِئِ، فَإِنَّهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ، لَهُ، كَالسَّيِّدِ إِذَا أَوْلَدَ أَمَتَهُ.

وَالثَّانِي: أَنْ تَعْلَقَ مِنْهُ فِي عَقْدِ نِكَاحٍ، فَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، إِذَا مَلَكَهَا لَا يُخْتَلَفُ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ تَعْلَقَ مِنَ الْوَاطِئِ بِحُرٍّ فِي غَيْرِ مِلْكٍ وَلَا عَقْدٍ كَمَسْأَلَتِنَا وَمَا فِي مَعْنَاهَا مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ فَهَلْ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ إِذَا مَلَكَهَا أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:

فَأَمَّا الْمُزَنِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ: لَا تَصِيرُ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ. وَقَدْ مَضَى الْجَوَابُ عَنْهُ.

(فَصْلٌ)

إِذَا وَطِئَ الْمُرْتَهِنُ الْجَارِيَةَ الْمَرْهُونَةَ وَادَّعَى عَلَى الرَّاهِنِ أَنَّهُ كَانَ قَدْ وَهَبَهَا لَهُ أَوْ بَاعَهَا عَلَيْهِ، وَأَنْكَرَ الرَّاهِنُ ذَلِكَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ مَعَ يَمِينِهِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهَا مُبَقَّاةٌ عَلَى مِلْكِهِ وَقَدْ خَرَجَتِ الْجَارِيَةُ مِنَ الرَّهْنِ، لِأَنَّ ادِّعَاءَ الْمُرْتَهِنِ مِلْكَهَا إِقْرَارٌ بِفَسْخِ ارْتِهَانِهَا، وَالْمُرْتَهِنُ إِذَا أَقَرَّ بِفَسْخِ الرَّهْنِ لَزِمَهُ إِقْرَارُهُ، لِأَنَّ الْفَسْخَ بِيَدِهِ وهل تكون دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْحَدِّ عَنْهُ أَمْ لَا. عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَظْهَرُهُمَا: لَا تَكُونُ شُبْهَةً لِمَا قَابَلَهَا مِنَ الْإِنْكَارِ، وَالْحَدُّ عَلَيْهِ وَاجِبٌ.

فَعَلَى هَذَا إِنْ أَوْلَدَهَا كَانَ وَلَدُهُ مَمْلُوكًا غَيْرَ أَنَّهُ لَاحِقٌ بِهِ وَإِنَّمَا أَلْحَقْنَاهُ به ولم نعتقه

<<  <  ج: ص:  >  >>