[(فصل: [غزوة الخندق] )]
ثُمَّ غَزَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غَزْوَةَ الْخَنْدَقِ، وَهِيَ غَزْوَةُ الْأَحْزَابِ.
وَسَبَبُهَا: أَنَّ بَنِي النَّضِيرِ لَمَّا أُجْلُوا إِلَى خَيْبَرَ فَقَصَدَ أَشْرَافُهُمْ مَكَّةَ، وَحَرَّضُوا قُرَيْشًا عَلَى حَرْبِ رَسُولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعَاهَدُوهُمْ، فَاجْتَمَعُوا فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ، فِيهِمْ ثَلَاثُمِائَةِ فَرَسٍ وَأَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ بَعِيرٍ، عَلَيْهِمْ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، وَاسْتَعْدَوُا الْعَرَبَ، فَجَاءَهُمُ الْأَحْزَابُ مِنَ الْقَبَائِلِ حَتَّى اسْتَكْمَلُوا عَشَرَةَ آلَافٍ، وَبَلَغَ رَسُولَ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خُرُوجُهُمْ مِنْ مَكَّةَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلْمُسْلِمِينَ، وَشَاوَرَهُمْ فِيهِ، فَأَشَارَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ بِحَفْرِ الْخَنْدَقِ فَأَجْمَعَتِ الْمُسْلِمُونَ، وَحَفَرُوهُ، وَعَمِلَ مَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِنَفْسِهِ، وَكَانَ الْأَنْصَارُ يَقُولُونَ، وَهُمْ يَحْفِرُونَ الْخَنْدَقَ:
(نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا ... عَلَى الْجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدَا)
قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُولُ:
(اللَّهُمَّ إِنَّ الْخَيْرَ خَيْرُ الْآخِرَهْ ... فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ)
وَرَوَى الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَنْقُلُ مَعَنَا التُّرَابَ، وَقَدْ وَارَى التُّرَابُ بَيَاضَ بَطْنِهِ، وَهُوَ يَقُولُ:
(اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا)
(فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا ... وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا)
(إِنَّ الْأُولَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا ... إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا)
وَفَرَغُوا مِنَ الْخَنْدَقِ بَعْدَ سِتَّةِ أَيَّامٍ، وَجَعَلُوا النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ فِي الْآطَامِ، وَنَزَلَتْ قُرَيْشٌ وَالْأَحْزَابُ، وَعَلَى جَمِيعِهِمْ أَبُو سُفْيَانَ، وَعَسْكَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِسَفْحِ " سَلَعٍ " وَجَعَلَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، وَمَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةُ آلَافِ رَجُلٍ هُمْ عَلَى أَشَدِّ خَوْفٍ وَوَجَلٍ، وَدَفَعَ لِوَاءَ الْمُهَاجِرِينَ إِلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَلِوَاءَ الْأَنْصَارِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute