للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ فِي ثُلُثٍ النَّفْسِ فَمَا دُونَ كَالْجَائِفَةِ وَمَا دُونَهَا، فَتُؤَدِّيهِ الْعَاقِلَةُ فِي سنة واحد إِذَا انْقَضَتْ وَلَوْ كَانَ دِينَارًا وَاحِدًا.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَزِيدَ عَلَى الثُّلُثِ وَلَا تَزِيدَ عَلَى الثُّلُثَيْنِ، فَتُؤَدِّيهِ فِي سَنَتَيْنِ بَعْدَ انْفِصَالِ السَّنَةِ الْأُولَى وَثُلُثِ الدِّيَةِ، وَبَعْدَ انْفِصَالِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مَا بَقِيَ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ سُدُسَ الدِّيَةِ، لِأَنَّ جَمِيعَ الْأَرْشِ كَانَ نِصْفَ الدِّيَةِ فِي إِحْدَى الْيَدَيْنِ أَدَّتْهُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ، وَإِنْ كَانَ ثُلُثَ الدِّيَةِ، لِأَنَّهُمَا جَائِفَتَانِ أَدَّتْهُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ.

وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: أَنْ تَزِيدَ عَلَى ثُلُثَيِ الدِّيَةِ وَلَا تَزِيدَ عَلَى جَمِيعِ الدِّيَةِ كَدِيَةِ الْيَدَيْنِ، فَتُؤَدِّيهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ عِنْدَ انْقِضَاءِ كُلِّ سَنَةٍ ثُلُثَ دِيَةٍ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ.

وَالضَّرْبُ الرَّابِعُ: أَنْ يَزِيدَ عَلَى دِيَةِ النَّفْسِ مِثْلَ قَطْعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فَنُوجِبُ دِيَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا فِي الْيَدَيْنِ، وَالْأُخْرَى فِي الرِّجْلَيْنِ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَسْتَحِقَّا لِنَفْسَيْنِ، فَعَلَى الْعَاقِلَةِ أَنْ تُؤَدِّيَ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثُلُثَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الدِّيَتَيْنِ، فَتَصِيرُ فِي كل سنة مؤدية فثلثي الدية لِانْفِرَادِ كُلِّ جِنَايَةٍ بِحُكْمِهَا.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يستحقها نَفْسٌ وَاحِدَةٌ فَتَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ الدِّيَتَيْنِ فِي سِتِّ سِنِينَ، تُؤَدِّي فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْهَا ثُلُثَ دِيَةٍ، لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ وَاحِدَةٌ لَا تَتَحَمَّلُ الْعَاقِلَةُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ دِيَةِ النَّفْسِ وَاللَّهُ أعلم.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَا يَقُومُ نَجْمٌ مِنَ الدِّيَةِ إِلَّا بَعْدَ حُلُولِهِ فَإِنْ أَعْسَرَ بِهِ أَوْ مَطَلَ حَتَّى يَجِدَ الْإِبِلَ بَطَلَتِ الْقِيمَةُ وَكَانَتْ عَلَيْهِ الْإِبِلُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الدِّيَةَ هِيَ الْإِبِلُ لَا يُعْدَلُ عَنْهَا مَعَ وُجُودِهَا، فَإِنْ أَعْوَزَتْ، عُدِلَ عَنْهَا إِلَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، وَهِيَ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْقَدِيمِ مُقَدَّرَةٌ بِالشَّرْعِ، فَيَكُونُ مِنَ الدَّرَاهِمِ اثْنَي عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَمِنِ الدَّنَانِيرِ أَلْف دِينَارٍ، وَعَلَى قَوْلِهِ فِي الْجَدِيدِ تُقَدَّرُ بِقِيمَةِ وَقْتِهَا دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ، وَعَلَى هَذَا مَوْضُوعُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَوَقْتُ قِيمَتِهَا عِنْدَ انْقِضَاءِ الْحَوْلِ الَّذِي يُسْتَحَقُّ فِيهِ الْأَدَاءُ، وَلَا اعْتِبَارَ بِقِيمَتِهَا وَقْتَ الْقَتْلِ، لِأَنَّ قِيمَةَ مَا فِي الدِّيَةِ مُعْتَبَرٌ بِوَقْتِ الْأَدَاءِ، كَالطَّعَامِ الْمَغْصُوبِ إِذَا أَعْوَزَ مِثْلُهُ اعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْأَدَاءِ لَا وَقْتَ الْغَصْبِ، فَإِذَا حَالَ الْحَوْلُ الثَّانِي اعْتُبِرَتْ عِنْدَهُ قِيمَةُ النَّجْمِ الثَّانِي، فَإِذَا حَالَ الْحَوْلُ الثَّالِثُ اعْتُبِرَتْ عِنْدَهُ قِيمَةُ النَّجْمِ الثَّالِثِ، سَوَاءٌ انْقَضَتْ قِيَمُ النُّجُومِ الثَّلَاثِ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ أَوِ اخْتَلَفَتْ وَلَوْ أَعْوَزَتْ فِي نَجْمٍ وَوُجِدَتْ فِي نَجْمٍ أُخِذَتْ فِي النَّجْمِ الَّذِي وُجِدَتْ، وَأُخِذَ قِيمَتُهَا مِنَ النَّجْمِ الَّذِي أَعْوَزَتْ، فَلَوْ قُوِّمَتْ فِي حَوْلٍ أُعْوِزَتْ فِيهِ وَوُجِدَتْ فِيهِ نُظِرَ وُجُودَهَا، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ أَخْذِ قِيمَتِهَا أَجْزَأَتِ الْقِيمَةُ وَلَمْ يُرْجَعْ إِلَى الْإِبِلِ، وَإِنْ كَانَ وُجُودُهَا قَبْلَ أَخْذِ الْقِيمَةِ بَطَلَتِ الْقِيمَةُ وَأَخَذَ الْإِبِلَ كَالطَّعَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>