للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهَا رِوَايَةُ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: " أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يُثَوِّبَ فِي أَذَانِ الصُّبْحِ وَلَا يُثَوِّبَ فِي غَيْرِهِ ".

وَمِنْهَا رِوَايَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ بِلَالٍ أَنَّهُ قَالَ: " أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنْ أُثَوِّبَ فِي أَذَانِ الصُّبْحِ وَنَهَانِي أَنْ أُثَوِّبَ فِي غَيْرِهِ " فَثَبَتَ بِهَذِهِ الْأَخْبَارِ سُنَّةُ التَّثْوِيبِ فِي أَذَانِ الصُّبْحِ، فَأَمَّا ابْنُ عُمَرَ فَإِنَّمَا أَنْكَرَ التَّثْوِيبَ فِي أَذَانِ الظُّهْرِ وَذَاكَ بِدْعَةٌ، وَأَمَّا سَائِرُ الصَّلَوَاتِ فَقَدْ كَانَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ التَّثْوِيبَ فِيهَا سُنَّةٌ كَالصُّبْحِ، وَهَذَا خَطَأٌ بِنَصِّ السُّنَّةِ الَّتِي رُوِّينَاهَا عَنْ سُوَيْدٍ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، ثُمَّ طَرِيقُ الْمَعْنَى: أَنَّ الصُّبْحَ إِنَّمَا يُثَوَّبُ فِيهَا لِكَوْنِ النَّاسِ نِيَامًا عِنْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا، وَالْأَذَانِ لَهَا وَسَائِرُ الصَّلَوَاتِ تَدْخُلُ أَوْقَاتُهَا وَالنَّاسُ مُسْتَيْقِظُونَ فَلَمْ يثوب لها.

[(مسألة)]

: قال الشَّافِعِيِّ: " وَأُحِبُّ أَنْ لَا يُجْعَلَ مُؤَذِّنُ الْجَمَاعَةِ إِلَّا عَدْلًا ثِقَةً لِإِشْرَافِهِ عَلَى النَّاسِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِنَّمَا أَخْبَرَنَا أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ عَدْلًا أَمِينًا لِرِوَايَةِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قَالَ: " الْأَئِمَّةُ ضُمَنَاءُ، وَالْمُؤَذِّنُونَ أُمَنَاءُ فَأَرْشِدِ اللَّهُ الأئمة واغفر للمؤذنين ".

وروى الحكم بن أبان عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يؤذن لكم خياركم، ويؤمكم أقرأكم ".

وَرَوَى صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَا بَنِي خَطْمَةَ اجْعَلُوا مُؤَذِّنَكُمْ أَفْضَلَكُمْ "، وَلِأَنَّ النَّاسَ قَدْ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ فِي أَوْقَاتِ صَلَوَاتِهِمْ، وَرُبَّمَا أَشْرَفَ فِي صُعُودِ الْمَنَارَةِ عَلَى عَوْرَاتِهِمْ فَإِذَا كَانَ أَمِينًا كَفَّ بَصَرَهُ وَصَدَقَ خَبَرُهُ.

(فَصْلٌ)

: وَيَخْتَارُ أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا عَارِفًا بِالْأَوْقَاتِ لِيَعْلَمَ دُخُولَ الْوَقْتِ فَيُؤَذِّنُ فِي أَوَّلِهِ فَيُدْرِكُ النَّاسُ فَضِيلَةَ التَّعْجِيلِ، فَإِذَا كَانَ ضَرِيرًا، أَوْ بَصِيرًا جَاهِلًا بِالْأَوْقَاتِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَفَرَّدَ بِالْأَذَانِ خَوْفًا مِنَ الْخَطَأِ فِي التَّقْدِيمِ، أَوِ الْفَوَاتِ بِالتَّأْخِيرِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ تَبَعًا لِبَصِيرٍ عَارِفٍ فَيُؤَذِّنُ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَيَجُوزُ، قَدْ كَانَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ضَرِيرًا يُؤَذِّنُ مَعَ بلال، فأما غير البالغ فمكروه الارتسام

<<  <  ج: ص:  >  >>