أَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ فِي جَمِيعِهَا مِنْ قِيمَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ أُرُوشِهَا، لَكِنَّهُ اسْتَدَلَّ بِمَا لَا دَلِيلَ فِيهِ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا جَعَلَهَا مُتَفَرِّقَةً وَمُجْتَمِعَةً سَوَاءٌ إِذَا بِيعَ فِيهَا وَقُسِّمَ ثَمَنُهُ فِي جَمِيعِهَا مِنْ قِيمَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ أَرْشِهَا.
فَأَمَّا وَهُوَ غَيْرُ مَبِيعٍ فِيهَا فَلَا.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّهُ إِذَا بِيعَ فِيهَا لَمْ يَبْقَ لِلْجِنَايَاتِ مَحَلٌّ غَيْرَ ثَمَنِهِ لِأَجْلِ التَّمْكِينِ مِنْهُ وَمَعَ الْمَنْعِ بِالْعِتْقِ تَتَّسِعُ الذِّمَّةُ لِأَكْثَرَ مِنَ الْقِيمَةِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَرْبَابِ الْجِنَايَاتِ مَمْنُوعٌ مِنْ حَقِّ نَفْسِهِ، فَانْفَرَدَ بِحُكْمِهِ، فَلِذَلِكَ مَا افْتَرَقَا وَاللَّهُ أعلم.
[مسألة]
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنْ جَنَى عَلَى الْمُكَاتَبِ عَبْدُهُ جِنَايَةً لَا قِصَاصَ فِيهَا كَانَتْ هَدَرًا ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَخْلُو عَبْدُ الْمُكَاتَبِ إِذَا جَنَى عَلَيْهِ جِنَايَةَ خَطَأٍ تُوجِبُ الْمَالِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:
إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ، أَوْ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ.
فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ بَيْعُهُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَالِدٍ وَلَا وَلَدٍ كَانَتِ الْجِنَايَةُ هَدَرًا، لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَثْبُتُ لَهُ فِي رَقَبَةِ عَبْدِهِ مَالٌ، لِأَنَّهُ مَالِكٌ لَهَا.
وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ بَيْعُهُ فِي غَيْرِ الْجِنَايَةِ كَوَالِدٍ أَوْ وَلَدٍ، فَفِي جَوَازِ بَيْعِهِ لَهُ فِي الْجِنَايَةِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا:
أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ فِي الْجِنَايَةِ، لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجُزْ لَهُ بَيْعُهُ فِي غَيْرِ الْجِنَايَةِ جَازَ بَيْعُهُ فِي الْجِنَايَةِ كَالْأَجْنَبِيِّ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ أَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ فِي الْجِنَايَةِ، لِأَنَّ الشَّرْعَ مَانِعٌ مِنْ بَيْعِ الْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ، وَلَيْسَ الْمَنْعُ مِنَ الْبَيْعِ فِي غَيْرِ الْجِنَايَةِ مُوجِبًا لِجَوَازِ الْبَيْعِ فِي الْجِنَايَةِ كَأُمِّ الْوَلَدِ إِذَا جَنَتْ عَلَى سَيِّدِهَا.
فَصْلٌ
فَأَمَّا جِنَايَةُ الْعَمْدِ الْمُوجِبَةُ لِلْقَوَدِ إِذَا كَانَتْ بَيْنَ الْمُكَاتَبِ وَبَيْنَ مَنْ يَمْلِكُهُ مِنْ وَالِدٍ أَوْ وَلَدٍ، فَلَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:
إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُكَاتَبِ أَوْ عَلَى الْمُكَاتَبِ.
فَإِنْ كَانَتْ عَلَى الْمُكَاتَبِ نَظَرَ، فَإِنْ كَانَتْ مِنْ وَلَدِهِ اقْتَصَّ مِنْهُ الْمُكَاتَبُ إِنْ كَانَتْ فِي طَرَفٍ، وَاقْتَصَّ مِنْهُ السَّيِّدُ إِنْ كَانَتْ فِي نَفْسٍ، لِأَنَّ الْوَلَدَ يُقْتَلُ بِالْوَالِدِ، وَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ مِنْ وَالِدِهِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْهُ فِي طَرَفٍ، وَلَا لِسَيِّدِهِ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْهُ فِي نَفْسٍ، لِأَنَّ الْوَالِدَ لَا يُقْتَلُ بِالْوَلَدِ، وَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ مِنَ الْمُكَاتَبِ نُظِرَ، فَإِنْ كَانَتْ