وقال قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ، وَالنِّسْيَانُ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ "، وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ مُكْرَهٌ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ بَاطِلًا كَالْمُكْرَهِ بِالسُّلْطَانِ، وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ لَوْ أَكْرَهَهُ السُّلْطَانُ عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ، فَوَجَبَ إِذَا أَكْرَهَهُ غَيْرُ السُّلْطَانِ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَصِحَّ كَالنِّكَاحِ؛ وَلِأَنَّ مَا أَكْرَهَهُ السُّلْطَانُ عَلَيْهِ أَوْلَى بِالْإِمْضَاءِ مِمَّا أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ غَيْرُ السُّلْطَانِ لِمَا لِلسُّلْطَانِ مِنْ حَقِّ الطَّاعَةِ فَلَمَّا أُبْطِلَ مَا أَكْرَهَهُ السُّلْطَانُ عَلَيْهِ كَانَ بُطْلَانُ مَا أَكْرَهَهُ غَيْرُ السُّلْطَانِ عَلَيْهِ أَوْلَى.
فَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنْ يُسَعِّرَ السُّلْطَانُ فَيَبِيعَ النَّاسُ أَمْتِعَتَهُمْ مُخْتَارِينَ مِنْ غَيْرِ إِكْرَاهٍ لَكِنَّهُمْ كَارِهِينَ لِلسِّعْرِ، فَالْبَيْعُ جَائِزٌ غَيْرَ أَنَّنَا نَكْرَهُ الِابْتِيَاعَ مِنْهُمْ إِلَّا إِذَا عُلِمَ طِيِبُ نُفُوسِهِمْ بِهِ، وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ إِذَا لَمْ يَقْتَرِنْ بِهِ الْإِكْرَاهُ جَائِزًا بِكُلِّ حَالٍ.
فَصْلٌ:
وَأَمَّا الِاحْتِكَارُ وَالتَّرَبُّصُ بِالْأَمْتِعَةِ. فَلَا يُكَرَهُ فِي غَيْرِ الْأَقْوَاتِ، وَأَمَّا الْأَقْوَاتُ فَلَا يُكْرَهُ احْتِكَارُهَا، مَعَ سِعَةِ الْأَقْوَاتِ وَرُخْصِ الْأَسْعَارِ. لِأَنَّ احْتِكَارَهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا.
وَأَمَّا احْتِكَارُهَا مَعَ الضِّيقِ، وَالْغَلَاءِ وَشِدَّةِ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا فَمَكْرُوهٌ مُحَرَّمٌ، وَالنَّهْيُ الَّذِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْآيَةِ، وَنَصُّ الْخَبَرِ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا الْحَالِ وَلَوِ اشْتَرَاهَا فِي حَالِ الْغَلَاءِ وَالضِّيقِ طالبا لربحها لم يكن احتكارا والله أعلم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute