للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الشَّعْبِيُّ: وَنَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: ٣] وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ حِينَ وَقَفَ مَوْقِفَ إِبْرَاهِيمَ، وَاضْمَحَلَّ الشِّرْكُ، وَهُدِمَتْ مَنَابِرُ الْجَاهِلِيَّةِ وَلَمْ يَطُفْ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ قَدِمَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ الْمَدِينَةَ مُسْلِمًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَأَمَّا مَا اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَعْدَ الْهِجْرَةِ فَأَرْبَعُ عُمَرٍ

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ أسلم من باليمن فيروز الدليمي، وَبَاذَانُ، وَوَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ، وَكَانَ فِي هَذِهِ السنة سريتان

(فصل: [ذِكْرُ حَوَادِثِ سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ تَجْهِيزُ جَيْشِ أسامة] )

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى عَشْرَةَ فِيهَا جَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَيْشَ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ إِلَى أَهْلِ أُبْنَى وَهِيَ أَرْضُ السَّرَاةِ نَاحِيَةَ الْبَلْقَانِ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ

قَالَ أَصْحَابُ السِّيَرِ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ صَفَرٍ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالتَّأَهُّبِ لِغَزْوِ الرُّومِ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ دَعَا أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، وَقَالَ: سِرْ إِلَى مَوْضِعِ مَقْتَلِ أَبِيكَ، فَأَوْطِئْهُمُ الْخَيْلَ، فَقَدْ وَلَّيْتُكَ هَذَا الْجَيْشَ، فَأَسْرِعِ السَّيْرَ وَاسْبِقِ الْأَخْبَارَ، وَخُذْ مَعَكَ الْأَدِلَّاءَ وَقَدِّمِ الْعُيُونَ وَاغْزُ صَبَاحًا عَلَى أَهْلِ أُبْنَى فَأَوْطِئْهُمُ الْخَيْلَ فَإِنْ ظَفَّرَكَ اللَّهُ بِهِمْ فَأَقْلِلِ اللُّبْثَ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ وَهُوَ يَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ صَفَرٍ مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَحُمَّ وَصُدِعَ فَلَمَّا كَانَ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ عَقَدَ لِأُسَامَةَ لِوَاءً بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ: " اغْزُ بِاسْمِ اللَّهِ، فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَاتِلْ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ فَخَرَجَ بِلِوَائِهِ مَعْقُودًا وَعَسْكَرَ بِالْجُرْفِ وَانْتَدَبَ مَعَهُ وُجُوهَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ فَتَكَلَّمَ قَوْمٌ مِنْ تَأْمِيرِ أُسَامَةَ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَذَلِكَ فِي يَوْمِ السَّبْتِ الْعَاشِرِ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَهُوَ مُعَصَّبٌ قَدْ شَدَّ رَأْسَهُ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَقَالَ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ: بَلَغَنِي عَنْ بَعْضِكُمْ فِي تَأْمِيرِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، وَلَئِنْ طَعَنْتُمُ فِيهِ فَقَدْ طَعَنْتُمْ فِي تَأْمِيرِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لِلْإِمَارَةِ لَخَلِيقًا، وَإِنَّ ابْنَهُ مِنْ بَعْدِهِ لَخَلِيقٌ بِالْإِمَارَةِ، وَإِنَّهُمَا أَهْلٌ لِكُلِّ خَيْرٍ، فَاسْتَوْصُوا بِهِ خَيْرًا، فَإِنَّهُ مِنْ خِيَارِكُمْ " وَعَادَ إِلَى مَنْزِلِهِ وَجَاءَ مَنِ انْتَدَبَ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُوَدِّعُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَيَمْضُونَ إِلَى الْمُعَسْكَرِ بِالْجُرْفِ، فَثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَجَعَلَ يَقُولُ: أَنْفِذُوا بَعْثَ أُسَامَةَ فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ الْأَحَدِ اشْتَدَّ مَرَضُهُ، فَدَخَلَ أُسَامَةُ فَوَجَدَ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَغْمُورًا، وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي كَدُّوهُ فِيهِ، فَقَبَّلَ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَخَرَجَ إِلَى مُعَسْكَرِهِ، وَعَادَ فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ ودخل عليه فوجده مغيبا، فَقَالَ لَهُ: اغْدُ عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ، فَوَدَّعَهُ أُسَامَةُ وَخَرَجَ إِلَى مُعَسْكَرِهِ، وَأَمَرَ النَّاسَ بِالرَّحِيلِ، فَأَنْفَذَتْ إِلَيْهِ أُمُّ أَيْمَنَ رَسُولًا تَقُولُ لَهُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَمُوتُ فَعُدْ فَأَقْبَلَ وَمَعَهُ عُمَرُ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ فوجدوا

<<  <  ج: ص:  >  >>