للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

: وَإِذَا غَصَبَ الرَّجُلُ مُكَاتَبًا فَحَبَسَهُ زَمَانًا ضَمِنَ أُجْرَةَ مِثْلِهِ لِأَنَّ الْمَكَاتَبَ عَبْدٌ يُضْمَنُ بِالْيَدِ وَكَذَلِكَ أُمُّ الْوَلَدِ فَأَمَّا السَّيِّدُ إِذَا حَبَسَ مَكَاتَبَهُ عَنْ نِصْفِهِ حَوْلًا فَفِيهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَضْمَنُ أُجْرَةَ مِثْلِهِ فِي الْحَوْلِ كَالْأَجْنَبِيِّ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ عَلَيْهِ إِنْظَارَهُ بِحَالِ الْكِتَابَةِ حَوْلًا مِثْلَ زَمَانِ حَبْسِهِ فَكَأَنَّهُ أَخَّرَ زمان كنايته والله أعلم.

[مسألة]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَوِ اسْتَكْرَهَ أَمَةً أَوْ حُرَّةً فَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَالْمَهْرُ وَلَا مَعْنَى لِلْجِمَاعِ إِلَّا فِي مَنْزِلَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا أَنْ تَكُونَ هِيَ زَانِيَةً مَحْدُودَةً فَلَا مهر لا ومنزلةٍ تَكُونُ مصابةٌ بنكاحٍ فَلَهَا مَهْرُهَا ومنزلةٍ تَكُونُ شُبْهَةً بَيْنَ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَالزِّنَا الصَرِيحِ فَلَمَّا لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهَا إِذَا أُصِيبَتْ بنكاحٍ فاسدٍ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهَا وَلَهَا الْمَهْرُ عِوَضَا مِنَ الْجِمَاعِ انْبَغَى أَنْ يَحْكُمُوا لَهَا إِذَا اسْتُكْرِهَتْ بمهرٍ عِوَضَا مِنَ الْجِمَاعِ لِأَنَّهَا لَمْ تُبِحْ نَفْسَهَا فَإِنَّهَا أَحْسَنُ حَالًا مِنَ الْعَاصِيَةِ بنكاحٍ فاسدٍ إِذَا كَانَتْ عَالِمَةً ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ. إِذَا اسْتَكْرَهَ الرَّجُلُ امْرَأَةً عَلَى نَفْسِهَا حَتَّى وَطِئَهَا كُرْهًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ دُونَهَا وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الْمَهْرِ لَهَا فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى وُجُوبِ الْمَهْرِ عَلَيْهِ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً.

وَقَالَ أبو حنيفة لَا مَهْرَ عَلَيْهِ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً.

وَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ كَانَتْ حُرَّةً فَعَلَيْهِ الْمَهْرُ وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ وَاسْتَدَلَّ مَنْ أَسْقَطَ عَنْهُ الْمَهْرَ بِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ نَهَى عَنْ مَهْرِ الْبَغِيِّ بِالتَّخْفِيفِ يَعْنِي الزِّنَا وَهَذَا زِنًا فَوَجَبَ أَنْ يَسْقُطَ فِيهِ الْمَهْرُ وَرَوَى ابْنُ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَهَى عَنْ كَسْبٍ الزِّمَارَةِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ يَعْنِي الزَّانِيَةَ كَنَهْيِهِ عَنْ مَهْرِ الْبَغِيِّ قَالُوا وَلِأَنَّهُ وَطْءٌ أَوْجَبَ حَدًّا فَلَمْ يُوجِبْ مَهْرًا كَالْمُطَاوَعَةِ قَالُوا وَلِأَنَّ الْحَدَّ وَالْمَهْرَ مُتَنَافِيَانِ فَلَمَّا وَجَبَ الْحَدُّ إِجْمَاعًا سَقَطَ الْمَهْرُ حِجَاجًا قَالُوا وَلِأَنَّ حُكْمَ الْفِعْلِ مُعْتَبَرٌ بِأَحْوَالِ الْفَاعِلِ وَالزِّنَا فِعْلُ الْوَاطِئِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمَهْرُ مُعْتَبَرًا بِحَالِهِ. وَدَلِيلُنَا: مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ أَيُّمَا امرأةٍ نُكِحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا باطلٌ فَإِنْ مَسَّهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا وَالْمُسْتَكْرِهُ مُسْتَحِلٌّ لِفَرْجِهَا فَاقْتَضَى أَنْ يَلْزَمَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>