للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الصُّبْحَ صُبْحَانِ صُبْحُ الْفَجْرِ وَالثَّانِي صبح النهار. فأراد به الصبح الأول، لأن لا تُقَدَّمَ الصَّلَاةُ مَعَ الشَّكِّ فِيهِ أَلَا تَرَى إِلَى مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَّى شَاكًّا فِي الْفَجْرِ ثُمَّ أَعَادَهُ

وَالثَّانِي: أَنَّ الْإِصْبَاحَ بِهَا إِنَّمَا هُوَ اسْتِدَامَتُهَا بَعْدَ تَقَدُّمِ الدُّخُولِ فِيهَا لِيُطَوِّلَ الْقِرَاءَةَ فِيهَا فَيُدْرِكَهَا الْمُتَأَخِّرُ عَنْهَا

وَأَمَّا قَوْلُهُ لِبِلَالٍ: " نَوِّرْ بِالْفَجْرِ حَتَّى تَرَى مَوَاقِعَ النَّبْلِ " فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ الْفَجْرَ الثَّانِيَ، لِأَنَّ لَهُ نُورًا فَرُبَّمَا رَأَى النَّاسُ مَعَهُ مَوَاقِعَ النَّبْلِ، أَوْ يَكُونَ أَمَرَهُ بِذَلِكَ دُفْعَةً حِينَ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ لِلسَّائِلِ مَوَاقِيتَ الصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ، وَآخِرَهُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ " لَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ " فَإِنَّمَا عَنَى مَنْ أَدَّى صَلَاةَ وَقْتِهِ وَجَلَسَ لِانْتِظَارِ الْأُخْرَى

(فَصْلٌ)

: فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْأَفْضَلَ تَعْجِيلُ الصَّلَوَاتِ انْتَقَلَ الْكَلَامُ إِلَى حَالِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ فَنَقُولُ أَمَّا الصُّبْحُ فَيُعَجِّلُهَا فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا، وَهُوَ أَفْضَلُ لِرِوَايَةِ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيُصَلِّي الصُّبْحَ فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ مَتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ مَا يُعْرَفْنَ مِنَ الْغَلَسِ "

(فَصْلٌ)

: وَأَمَّا الظُّهْرُ فَقَدْ رَوَى [الشَّافِعِيُّ عَنْ] سُفْيَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيحِ جَهَنَّمَ قَالَ: وَاشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَتْ رَبِّي أَكَلَ بعضي بعضاً فأذن لها بنفسين نفساً في الشتاء، ونفساً فِي الصَّيْفِ، فَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ الْحَرَّ فَمِنْ حَرِّهَا، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ الْبَرْدَ فَمِنْ زَمْهَرِيرِهَا "، فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي قَوْلِهِ إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ وَارِدٌ في بلاد (تهامة) و (الحجاز) و (كمكة) وَ (الْمَدِينَةِ) وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْبِلَادِ فَلَا؛ لِاخْتِصَاصِ تِهَامَةَ بِشِدَّةِ الْحَرِّ

وَالثَّانِي: أَنَّ ذَلِكَ وَارِدٌ فِي كُلِّ الْبِلَادِ إِذَا كَانَ الحر بها شديداً ن وَإِذَا كَانَ هَذَا ثَابِتًا فَتَأْخِيرُهَا أَفْضَلُ بِشَرْطَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْحَرُّ شَدِيدًا.

وَالثَّانِي: أَنْ تُقَامَ فِي جَمَاعَةٍ يَحْضُرُهَا الْأَبَاعِدُ، فَأَمَّا إِنْ كَانَ الْحَرُّ يَسِيرًا، وَالْبَلَدُ بَارِدًا، أَوْ كَانَ يُصَلِّيهَا مُنْفَرِدًا، أَوْ فِي جَمَاعَةٍ حَاضِرَةٍ لَا يَأْتِيهَا الْأَبَاعِدُ كَانَ تَعْجِيلُهَا أَفْضَلَ، فَأَمَّا صَلَاةُ الْجُمْعَةِ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلِ الْأَفْضَلُ تَأْخِيرُهَا فِي شِدَّةِ الْحَرِّ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>