للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَا كَسَبَهُ الْمُدَبَّر فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ تَرِكَةٌ، وَمَا كَسَبَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ مِلْكٌ لِلْمُدَبَّر، فَإِذَا اخْتَلَفَ الْمُدَبَّر وَالْوَارِثُ فِي مَالٍ بِيَدِهِ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ، فَادَّعَاهُ الْمُدَبَّر مِنْ كَسْبِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ. وَادَّعَاهُ الْوَارِثُ مِنْ كَسْبِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ. فَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الْمُدَبَّر مَعَ يَمِينِهِ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لِأَجْلِ يَدِهِ الدَّالَّةِ عَلَى مِلْكِهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ حُدُوثَ كَسْبِهِ أَظْهَرُ مِنْ تَقَدُّمِهِ.

فَإِنْ كَانَتْ لِلْوَارِثِ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِتَقَدُّمِ كَسْبِهِ، حُكِمَ بِهَا وَبَيِّنَتُهُ شَاهِدَانِ، أَوْ شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ، لِأَنَّهَا بَيِّنَةٌ لِاسْتِحْقَاقِ مَالٍ. وَهَذَا إِذَا شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ اكْتَسَبَهُ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ، وَأَمَّا إِنْ شَهِدَتْ أَنَّ هَذَا الْمَالَ كَانَ فِي يَدِهِ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ. فَفِي قَبُولِهَا وَالْحُكْمِ بِهَا قَوْلَانِ مِنِ اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي حُكْمِ الْبَيِّنَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ:

أَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ وَيُحْكَمُ بِهِ لِلْوَارِثِ.

وَالثَّانِي: لَا يُقْبَلُ وَيَكُونُ لِلْمُدَبَّر مَعَ يَمِينِهِ.

فَصْلٌ

وَإِذَا وَهَبَ السَّيِّدُ لِمُدَبَّرهِ أَمَةً فَوَطِئَهَا الْمُدَبَّر وَأَوْلَدَهَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَالْوَلَدُ لَاحِقٌ بِهِ لِأَنَّهَا مَوْطُوءَةٌ فِي مِلْكٍ إِنْ جُعِلَ مَالِكًا أَوْ فِي شُبْهَةِ مِلْكٍ إِنْ لَمْ يُجْعَلْ مَالِكًا، وَفِي الْوَلَدِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ ملك للسيد، وإن لحق بالمدبر، وَهُوَ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْجَدِيدِ إِنَّ الْعَبْدَ لَا يُمَلَّكُ إِذَا مَلَكَ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَكُونُ مِلْكًا لِلْمُدَبَّر، وَهُوَ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْقَدِيمِ إِنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ إِذَا مُلِّكَ فَعَلَى هَذَا إِذَا جَعَلْنَاهُ مِلْكًا لِلْمُدَبَّر، كَانَ تَبَعًا لَهُ فِي التَّدْبِيرِ قَوْلًا وَاحِدًا يُعْتَقُ بِعِتْقِهِ، وَيَرِقُّ بِرِقِّهِ، وَإِذَا جَعَلْنَاهُ لِلسَّيِّدِ لَمْ يَتْبَعْهُ فِي عِتْقٍ، وَلَا رِقٍّ قَوْلًا وَاحِدًا بِخِلَافِ وَلَدِ الْمُدَبَّرةِ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَيَكُونُ كَوَلَدِهِ مِنْ نِكَاحِ أَمَةٍ لِسَيِّدِهِ، أَوْ غَيْرِ سَيِّدِهِ لَا يَتْبَعُهُ، إِلَّا فِي النَّسَبِ، وَلَا يَتْبَعُهُ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ لِأَنَّ الْوَلَدَ فِيهِمَا تَابِعٌ لِلْأُمِّ دُونَ الْأَبِ.

فَصْلٌ

وَإِذَا دَبَّرَ الرَّجُلُ أَخَاهُ، أَوْ عَمَّهُ صَحَّ تَدْبِيرُهُ، وَعَتَقَ بِمَوْتِهِ وَلَمْ يَرِثْهُ، لِأَنَّهُ عِتْقٌ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَا تَوَارُثَ بِالْأَسْبَابِ الْحَادِثَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ.

وَلَوْ قَالَ لِأَخِيهِ: أَنْتَ حُرٌّ فِي آخِرِ أَجْزَاءِ صِحَّتِي الْمُتَّصِلِ بِأَوَّلِ أَسْبَابِ مَوْتِي، ثُمَّ مَاتَ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، وَوَرِثَهُ لِتَقَدُّمِ عِتْقِهِ فِي الصِّحَّةِ قَبْلَ مَوْتِهِ.

وَلَوْ قَالَ لَهُ: أَنْتَ حُرٌّ فِي آخِرِ أَجْزَاءِ حَيَاتِي الْمُتَّصِلِ بِمَوْتِي، ثُمَّ مَاتَ عَتَقَ مِنْ ثُلُثِهِ. وَفِي مِيرَاثِهِ وَجْهَانِ ذكرناهما في العتق:

<<  <  ج: ص:  >  >>