للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى خَشَبَةٍ، وَصَاحِبِ الْجَبَائِرِ، وَمَنْ عَلَى قُرْحِهِ دَمٌ، اسْتِشْهَادًا بِأَنَّهُمْ قَدْ أَدَّوْا مَا كُلِّفُوا كما لا تعيد الاستحاضة وَالْحَدَثُ فِي صَلَاتِهَا دَائِمٌ وَالنَّجَسُ قَائِمٌ، وَلَا الْمَرِيضُ الْوَاجِدُ لِلْمَاءِ وَلَا الَّذِي مَعَهُ الْمَاءُ يَخَافُ الْعَطَشَ، وَلَا الْعُرْيَانُ، وَلَا الْمُسَايِفُ يُصَلِّي إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ فَاسْتَشْهَدَ بِمَنْ ذَكَرَهُ مِنْ أَصْحَابِ الْأَعْذَارِ فِي سُقُوطِ الْفَرْضِ عَنْهُمْ فِيمَا عَجَزُوا عَنْهُ، فَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ.

وَالْجَوَابُ عَنْهُ: أَنْ يُقَالَ لَهُ اعْتِلَالُكَ بِالْعَجْزِ فِي سُقُوطِ الْفَرْضِ فاسدٌ؛ لِأَنَّ عَادِمَ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ عَاجِزٌ، وَفَرْضُ الْإِعَادَةِ عَنْهُ غَيْرُ سَاقِطٍ، وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ عَلَى الْكَلَامِ وَإِنْشَادِ الشِّعْرِ هُوَ مَعْذُورٌ، وَفَرْضُ الْإِعَادَةِ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ فَبَطَلَ الِاعْتِلَالُ بِالْعَجْزِ فِي سُقُوطِ الْفَرْضِ، وَأَمَّا سُقُوطُ الْإِعَادَةِ عَمَّنْ ذَكَرَهُ لِوُجُودِ الْعُذْرِ، فَيُقَالُ لَهُ: الْمَعْذُورُ ضَرْبَانِ: ضَرْبٌ يَسْقُطُ عَنْهُمُ الْإِعَادَةُ بِأَعْذَارِهِمْ وَهُمْ مَنْ ذَكَرَهُمْ، وَضَرْبٌ لَا يَسْقُطُ عَنْهُمُ الْإِعَادَةُ وَهُمْ مَنْ ذَكَرْنَا مِنَ الْمَعْذُورِينَ فِي سُقُوطِ الْإِعَادَةِ بِأَوْلَى مِنْ رَدِّنَا إِلَى مَنْ ذَكَرْنَا مِنَ الْمَعْذُورِينَ فِي وُجُوبِ الْإِعَادَةِ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: الْفَرْقُ بَيْنَ أَصْحَابِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَبَيْنَ مَنْ ذَكَرْتَهُمْ مِنَ الْمَعْذُورِينَ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الطَّهَارَةَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ مُمْكِنَةٌ وَإِنْ شَقَّتْ، وَإِزَالَةُ تِلْكَ الْأَعْذَارِ غَيْرُ مُمْكِنَةٍ.

وَالثَّانِي: وَهُوَ أَصَحُّ الْفَرْقَيْنِ أَنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَعْذَارُهُمْ نَادِرَةٌ، وَإِذَا حَدَثَتْ لَمْ تَدُمْ، وَأَصْحَابُ الْأَعْذَارِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ الْمُزَنِيُّ لَا يَنْفَكُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ أَعْذَارُهُمْ عَامَّةً كالمتيمم من مرض أو سفر، أو نادر لَكِنْ قَدْ يَدُومُ كَالِاسْتِحَاضَةِ وَسَلَسِ الْبَوْلِ وَالْمَذْيِ.

فَإِنْ قِيلَ وَالْخَائِفُ مِنْ سَبُعٍ إِذَا صَلَّى مُومِيًا نَادِرُ الْعُذْرِ وَلَا يَدُومُ، وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، قِيلَ: لِأَنَّهُ خَائِفٌ وَجِنْسُ الْخَوْفِ عَامٌّ.

(فَصْلٌ: الْخِلَافُ فِي أَيِّ الصَّلَاتَيْنِ تَكُونُ هِيَ الفرض)

فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ أَصَحَّ الْقَوْلَيْنِ لِمَنْ ذَكَرْنَا مِنْ أَصْحَابِ الْأَعْذَارِ الْمَاضِيَةِ وُجُوبُ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِمْ، فَأَعَادُوا فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي أَيِّ الصَّلَاتَيْنِ تَكُونُ هِيَ الْفَرْضَ الْمُحْتَسَبَ بِهِ عَلَى أَرْبَعَةِ مَذَاهِبَ حَكَاهَا ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَذَكَرَهَا الْمُزَنِيُّ:

أحدها: أن الصلاة الأولى فرض، وَإِنَّمَا أَمَرَ بِالثَّانِيَةِ تَنَافِيًا لِمَا أَخَلَّ بِهِ من شروط الأولة.

والمذهب الثاني: أن الثانية فرض، وإنما أمر بالأولة لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ.

وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ: أَنَّ كِلَا الصَّلَاتَيْنِ فَرْضٌ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُمَا وَاجِبٌ عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>