للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَالِكٌ لِلْأُمِّ وَلَا شَيْءَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي نزو فحله لأنه عصب فَحْلٍ مُحَرَّم الثَّمَنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ النَّزْوُ قَدْ نَقَصَ مِنْ بَدَنِهِ وَقِيمَتِهِ فَيَرْجِعُ عَلَى الغاصب بقدر نقصه.

فَصْلٌ

: وَلَوْ غَصَبَهُ شَاةً فَذَبَحَهَا وَطَبَخَهَا لَمْ يَمْلِكْهَا وَيَرْجِعْ بِهَا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ مَطْبُوخَةً وَبِنَقْصٍ إِنْ حَدَثَ فِيهَا.

وَقَالَ أبو حنيفة قَدْ صَارَتْ بِالطَّبْخِ لِلْغَاصِبِ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا اسْتِدْلَالًا بِرِوَايَةِ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ الْجَرْمِيِّ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - زَارَ قَوْمًا مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَدَّمُوا إِلَيْهِ شَاةً مَصْلِيَّةً فَأَكَلَ مِنْهَا لُقْمَةً فَلَمْ يَصِغْهَا فَقَالَ مالي لَا أَصِيغُهَا إِنَّ لَهَا لَشَأْنًا أَوْ قَالَ خبراً قالوا يا رسول الله إن أَخَذْنَاهَا مِنْ بَنِي فلانٍ وَإِنَّهُمْ إِذَا وَافُوا راضيناهم فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَطْعِمُوهَا الْأَسَارَى فَجَعَلَ لَهُمْ تَمَلُّكَهَا بِالْعَمَلِ لِأَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِإِطْعَامِهَا لِلْأَسَارَى وَلَوْ لَمْ يَمْلِكُوهَا لَمَنَعَهُمْ.

وَدَلِيلُنَا مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " لَا يَحِلُّ لأحدٍ مِنْكُمْ مِنْ مَالِ أَخِيهِ شيءٌ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسِهِ " فَقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ يَثْرِبِيٍّ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ لَقِيتُ غَنَمًا لِابْنِ عَمِّي أَخَذْتُ مِنْهَا شَاةً قَالَ إِنْ لَقِيتَهَا نَعْجَةً تَحْمِلُ شَفْرَةً وَزِنَادًا بِخَبْتِ الْجَمِيشِ فَلَا تَهِجْهَا.

الْجَمِيشُ صَحْرَاءُ بَيْنَ مكة وَالْحِجَازِ قَلِيلَةُ السَّاكِنِ يُرِيدُ إِنْ لَقِيتَهَا بِهَذَا الْمَوْضِعِ الْمُهْلِكِ وَمَعَهَا شَفْرَةٌ وهي السكين وزناد، وهي المقدحة تَعْرِضْ لَهَا. فَأَمَّا الْخَبَرُ الَّذِي اسْتُدِلَّ بِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنْ يَكُونُوا قَدْ أَخَذُوا ذَلِكَ عَنْ إِذْنِهِمْ مِنْ غَيْرِ ثَمَنٍ مُقَدَّرٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِتَعَذُّرِ مُسْتَحِقِّيهِ عَنِ اسْتِبْقَاءِ الطَّعَامِ لَهُمْ فَأْمَرَهُمْ بِذَلِكَ حِفْظًا لِقِيمَتِهِ عَلَى أَرْبَابِهِ.

فَصْلٌ

: وَإِذَا غَصَبَ مَجُوسِيٌّ شَاةً فَذَبَحَهَا ضَمِنَ جَمِيعَ قِيمَتِهَا لِأَنَّهَا مَيْتَةٌ يَحْرُمُ أَكْلُهَا وَثَمَنُهَا وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَحَقُّ بِجِلْدِهَا وَإِنْ أَخَذَ الْقِيمَةِ لِأَنَّهَا مِنْ عَيْنِ مَالِهِ فَإِنْ غَلَبَهُ عَلَيْهِ إِنْسَانٌ فَدَبَغَهُ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَكُونُ لِرَبِّهِ.

وَالثَّانِي: يَكُونُ لِدَابِغِهِ فَلَوِ اشْتَرَكَ مُسْلِمٌ وَمَجُوسِيٌّ فِي ذَبْحِ شَاةٍ مَغْصُوبَةٍ ضَمِنَ الْمَجُوسِيُّ نِصْفَ قِيمَتِهَا لِأَنَّهُ أَحَدُ الذَّابِحَيْنِ وَضَمِنَ الْمُسْلِمُ نِصْفَ نَقْصِهَا لَوْ لَمْ يَكُنِ الْمُشَارِكُ لَهُ فِي الذَّبْحِ مَجُوسِيًّا.

مِثَالُهُ: أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الشَّاةِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَلَوْ ذَبَحَهَا مُسْلِمٌ صَارَتْ قِيمَتُهَا عَشَرَةً فَيَضْمَنُ الْمُسْلِمُ خَمْسَةً وَالْمَجُوسِيُّ عَشَرَةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>