للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالسَّلَمِ فَإِنْ عُقِدَ حَالًا جَازَ أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ فِيهِ حَالَةً وَمُؤَجَّلَةً وَإِنْ عُقِدَ مُؤَجَّلًا كَاسْتِئْجَارِهِ رُكُوبَ بَعِيرٍ فِي ذِمَّتِهِ يَرْكَبُهُ إِلَى مَكَّةَ بَعْدَ شَهْرٍ مِنْ وَقْتِهِ لَمْ يَجُزْ تَأْجِيلُ الْأُجْرَةِ فِيهِ لِأَنَّهَا تَصِيرُ دَيْنًا بِدَيْنٍ، وهل يلزم تَعْجِيلُ قَبْضِهَا قَبْلَ الِافْتِرَاقِ أَمْ لَا عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُ كَالسَّلَمِ الْمَضْمُونِ فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْعَقْدُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَلْزَمُ وَيَجُوزُ أَنْ يَتَفَرَّقَا قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا يَجُوزُ فِي الْعَقْدِ الْمُعَجَّلِ وَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا.

[مسألة]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَإِنْ مَاتَ الْبَعِيرُ رَدَّ الْجَمَّالُ مِنَ الْكِرَاءِ مِمَّا أَخَذَ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ وَإِنْ كَانَتِ الْحَمُولَةُ مَضْمُونَةً كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بإبلٍ غَيْرِهَا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَوْتَ الْبَعِيرِ الْمُكْتَرَى يُوجِبُ فَسْخَ الْإِجَارَةِ إِنْ كَانَ الْعَقْدُ مُعَيَّنًا وَلَا يُوجِبُ الْفَسْخَ إِنْ كَانَ الْعَقْدُ مَضْمُونًا وَإِذَا انْفَسَخَ فِي الْمُعَيَّنِ كَانَ فِي حُكْمِ الدَّارِ إِذَا انْهَدَمَتْ وَالْعَبْدِ إِذَا مَاتَ. وَإِذَا لَمْ يَنْفَسِخْ فِي الْمَضْمُونِ طُولِبَ الْجَمَّالُ بِبَدَلِهِ.

فَصْلٌ

: فَأَمَّا إِنْ لَمْ يَمُتِ الْبَعِيرُ وَلَكِنْ شَرَدَ الْبَعِيرُ مِنْ رَاكِبِهِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَهُوَ كَمَا لَوْ مَاتَ غَيْرَ أَنَّهُ إِنْ نُسِبَ شُرُودُ الْبَعِيرِ إِلَى تَفْرِيطِ الرَّاكِبِ أَوْ تَعَدِّيهِ ضَمِنَهُ وَإِنْ لَمْ يُنْسَبْ إِلَى تَفْرِيطِهِ أَوْ تَعَدِّيهِ لَمْ يَضْمَنْهُ وَإِنْ وُجِدَ الْبَعِيرُ بَعْدَ تَقَضِّي مُدَّةِ الْمَسِيرِ فَإِنْ نُسِبَ إِلَى تَفْرِيطِ الرَّاكِبِ فَقَدِ اسْتَوْفَى حَقَّهُ وَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ بِالْأُجْرَةِ لِأَنَّهَا بِالتَّفْرِيطِ مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِ كَالرَّقَبَةِ وَإِنْ لَمْ يُنْسَبْ إِلَى تَفْرِيطِهِ فَهُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ ثُمَّ يُنْظَرُ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ فَإِنْ كَانَ الرُّكُوبُ فِيهِ مُقَدَّرًا بِالْمُدَّةِ فَإِذَا انْقَضَتْ وَالْبَعِيرُ شَارِدٌ بَطَلَتِ الْإِجَارَةُ سَوَاءٌ كَانَ الْبَعِيرُ مُعَيَّنًا أَوْ مَضْمُونًا لِأَنَّ بِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ يَفُوتُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ كَمَنِ اسْتَأْجَرَ دَارًا شَهْرًا فَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى انْقَضَى الشَّهْرُ بَطَلَتِ الْإِجَارَةُ وَإِنْ كَانَ الرُّكُوبُ مُقَدَّرًا بِالْمَسَافَةِ لَمْ تَبْطُلِ الْإِجَارَةُ لِبَقَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَإِنْ تَأَخَّرَ قَبْضُهُ فَصَارَ كَمَنِ اسْتُؤْجِرَ لِعَمَلٍ فَأَخَّرَهُ لَمْ تَبْطُلِ الْإِجَارَةُ ثُمَّ الرَّاكِبُ بِالْخِيَارِ لِلضَّرَرِ الدَّاخِلِ عَلَيْهِ بِتَأْخِيرِ السَّيْرِ بَيْنَ الْمُقَامِ أَوِ الْفَسْخِ.

فَصْلٌ

: فَأَمَّا إِذَا غُصِبَ الْبَعِيرُ حَتَّى انْقَضَتْ مُدَّةُ السَّيْرِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَنْسُوبًا إِلَى مَنْعِ الْمُكْرَى مِنْهُ فَهُوَ فِي الْحُكْمِ كَمَا لَوْ شَرَدَ وَإِنْ كَانَ غَصْبًا مِنْ أَجْنَبِيٍّ حَالَ بَيْنَ الْبَعِيرِ وَبَيْنَ رَبِّهِ وَرَاكِبِهِ وَصَارَ ضَامِنًا لِرَقَبَتِهِ وَأُجْرَةِ مَنَافِعِهِ فَفِي الْعَقْدِ قَوْلَانِ: بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي الْمَبِيعِ؛ إِذَا اسْتَهْلَكَهُ أَجْنَبِيٌّ قَبْلَ قَبْضِ مُشْتَرِيهِ.

فَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ: أَنَّ الْبَيْعَ قَدْ بَطَلَ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ. .

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالرُّجُوعِ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَبَيْنَ الْمُقَامِ وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ عَلَى مُسْتَهْلِكِهِ كَذَلِكَ الْإِجَارَةُ كَالْبَيْعِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا قَدْ بَطَلَتْ إِنْ كَانَ الرُّكُوبُ مُقَدَّرًا بِالْمُدَّةِ فَهُوَ عَلَى مَا مَضَى فِي شُرُودِ الْبَعِيرِ وَهَذَا أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ مَعًا.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَبْطُلُ وَهُوَ فِيهَا بِالْخِيَارِ فَإِنْ كَانَ الرُّكُوبُ مُقَدَّرًا بِالْمُدَّةِ كان

<<  <  ج: ص:  >  >>