للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ اسْتِبْصَارُهُ فِي الدِّينِ وَرُجُوعُهُ إِلَى الْحَقِّ، وَذَلِكَ مِمَّا يُحْتَاجُ فِيهِ إِلَى الِارْتِيَاءِ وَالْفِكْرِ، فَأُمْهِلَ بِمَا يُقَدَّرُ فِي الشَّرْعِ مِنْ مُدَّةِ أَقَلِّ الْكَثِيرِ، وَأَكْثَرِ الْقَلِيلِ وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ:

فَعَلَى هَذَا: فِي تَأْجِيلِهِ بِهَذِهِ الثَّلَاثِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ إِنْ قِيلَ: إِنَّ الِاسْتِتَابَةَ مُسْتَحَبَّةٌ.

وَالثَّانِي: أَنَّهَا وَاجِبَةٌ إِنْ قيل: إن الاستتابة واجبة.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " ويوقف ماله) .

قال الماوردي: حكم الردة مشتمل عَلَى فَصْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: حُكْمُهَا فِي نَفْسِ الْمُرْتَدِّ، وَهُوَ الْقَتْلُ وَقَدْ مَضَى.

وَالثَّانِي: حُكْمُهَا فِي مَالِ الْمُرْتَدِّ، وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى فَصْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: بَقَاءُ مَالِهِ عَلَى مِلْكِهِ.

وَالثَّانِي: جَوَازُ تَصَرُّفِهِ فِيهِ.

فَأَمَّا بَقَاؤُهُ عَلَى مِلْكِهِ فَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِيهِ قَوْلَيْنِ، وَثَالِثًا اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَخْرِيجِهِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ - إِنَّ مِلْكَهُ مَوْقُوفٌ مُرَاعًى فَإِنْ عَادَ إِلَى الْإِسْلَامِ بَانَ أَنَّ مَالَهُ كَانَ بَاقِيًا عَلَى مِلْكِهِ. وَإِنْ قُتِلَ بِالرِّدَّةِ بَانَ أَنَّ مَالَهُ زَالَ عَنْ مِلْكِهِ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ، فَيَصِيرُ مَالُهُ مُعْتَبَرًا بِنَفْسِهِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: نَصَّ عَلَيْهِ فِي زَكَاةِ الْمَوَاشِي - إنَّ مَالَهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ، إِلَى أَنْ يُقْتَلَ بِالرِّدَّةِ، فَيَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ بِالْقَتْلِ أَوْ بِالْمَوْتِ، لِأَنَّ الْمَالَ لَا يَنْفَكُّ عَنْ مَالِكٍ، فَلَمَّا لَمْ يَنْتَقِلْ إِلَى مِلْكِ غَيْرِهِ إِلَّا بِالْمَوْتِ، عُلِمَ بَقَاؤُهُ عَلَى مِلْكِهِ إِلَى وَقْتِ الْمَوْتِ.

وَالثَّالِثُ الْمُخْتَلَفُ فِي تَخْرِيجِهِ: - ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْمُدَبِّرِ - إنَّ تَدْبِيرَ الْمُرْتَدِّ بَاطِلٌ فِي أَحَدِ أَقَاوِيلِهِ الثَّلَاثَةِ، لِأَنَّ مِلْكَهُ خَارِجٌ عَنْهُ. فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي مَعْنَى تَعْلِيلِهِ بِأَنَّ مِلْكَهُ خَارِجٌ عَنْهُ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ وَطَائِفَةٍ - أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ خُرُوجَ مَالِهِ عَنْ تَصَرُّفِهِ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ، لِأَنَّهُ لَوْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِالرِّدَّةِ مَا عَادَ إِلَيْهِ إِلَّا بِتَمْلِيكٍ مُسْتَجَدٍّ، وَمَنَعُوا مِنْ تَخْرِيجِهِ قَوْلًا ثَالِثًا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْهُمْ إنَّهُ أَرَادَ بِهِ زَوَالَ مِلْكِهِ عَنْ مَالِهِ، فَإِنْ عَادَ إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>