للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ غِرَاسًا غَيْرَ مُثْمِرٍ فَيَصِيرُ شَجَرًا مُثْمِرًا، فَهَذِهِ زِيَادَةٌ مَحْضَةٌ، فَيَكُونُ حُكْمُهَا حُكْمَ الزِّيَادَةِ الَّتِي لَا تَتَمَيَّزُ، فَلَا تُجْبَرُ الزَّوْجَةُ عَلَى بَذْلِهَا، وَإِنْ بَذَلَتْهَا فَفِي إِجْبَارِهِ عَلَى قَبُولِهَا وَجْهَانِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ شَجَرًا مُثْمِرًا مُتَكَامِلًا فَيُرْقَلُ حَتَّى يَصِيرَ قَحَامًا.

والإرقال: التَّنَاهِي فِي الطُّولِ، وَالْقَحَامُ: التَّنَاهِي فِي الْعُمُرِ حتى قد ييئس سَعَفُهُ، وَيَخِرُّ جِذْعُهُ، فَهَذَا نُقْصَانٌ مَحْضٌ لَا يَتَمَيَّزُ، وَلَا يُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى قَبُولِهِ، وَإِنْ رَضِيَ بِهِ فَفِي إِجْبَارِهِ الزَّوْجَةَ عَلَى بَذْلِهِ وَجْهَانِ:

وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ غِرَاسًا غَيْرَ مثمر فيصير قحاماً غير مثمر، فَهَذِهِ زِيَادَةٌ مِنْ وَجْهٍ، وَنُقْصَانٌ مِنْ وَجْهٍ، فَأَيُّهُمَا دَعَا إِلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ أُجِيبَ.

مَسْأَلَةٌ

قال الشافعي: " وَكَذَلِكَ الْأَرْضُ تَزْرَعُهَا أَوْ تَغْرِسُهَا أَوْ تَحْرُثُهَا (قال المزني) الزرع مضر بالأرض منقصٌ لها وإن كان لحصاده غاية فله الخيار في قبول نصف الأرض منتقصةً أو القيمة والزرع لها وليس ثمر النخل مضراً بها فله نصف النخل والثمر لها وأما الغراس فليس بشبيهٍ لهما لأن لهما غايةً يفارقان فيهما مكانهما من جدادٍ وحصادٍ وليس كذلك الغراس لأنه ثابتٌ في الأرض فله نصف قيمتها وأما الحرث فزيادةً لها فليس عليها أن تعطيه نصف ما زاد في ملكها إلا أن تشاء وهذا عندي أشبه بقوله وبالله التوفيق ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: عَطَفَ الشَّافِعِيُّ بِزَرْعِ الْأَرْضِ وَغَرْسِهَا وَحَرْثِهَا عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ عَقْدِ الْبَابِ، وَبَيَانِ أَحْكَامِ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ. فَتَوَهَّمَ الْمُزَنِيُّ أَنَّهُ عَطَفَ بِهِ عَلَى أَطْلَاعِ النَّخْلِ.

فَفَرَّقَ بَيْنَ الزَّرْعِ وَالْغَرْسِ، وَبَيْنَ أَطْلَاعِ النَّخْلِ فَأَخْطَأَ فِي تَوَهُّمِهِ، وَقَارَبَ الصِّحَّةَ فِي فَرْقِهِ.

وَحُكْمُ الْأَرْضِ تَخْتَلِفُ فِي زَرْعِهَا، وَغَرْسِهَا، وَحَرْثِهَا.

أَمَّا حَرْثُهَا: فَهُوَ فِيهَا زِيَادَةٌ مَحْضَةٌ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ، فَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَةَ بَذْلُهَا، فَإِنْ بَذَلَتْهَا أُجْبِرَ الزَّوْجُ عَلَى قَبُولِهَا فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ.

وَأَمَّا الْغَرْسُ فِي الْأَرْضِ فَهُوَ زِيَادَةٌ مِنْ وَجْهٍ وَنُقْصَانٌ مِنْ وَجْهٍ، لِأَنَّ عَيْنَ الْغَرْسِ زِيَادَةٌ، وَضَرَرَهُ في الأرض، نقصان.

فأما النقصان: مغير مُتَمَيِّزٍ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ: فَفِيهَا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا مُتَمَيِّزَةٌ، لِأَنَّهَا مُسْتَوْدَعَةٌ فِي الْأَرْضِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهَا كَالْمُتَّصِلَةِ، لِأَنَّهَا صَارَتْ تَبَعًا، فَإِنْ بَذَلَتْهَا الزَّوْجَةُ بِغَرْسِهَا لَمْ يُجْبَرِ الزَّوْجُ عَلَى الْقَبُولِ لِأَجْلِ النَّقْصِ، وَإِنْ رَضِيَ الزَّوْجُ بِهَا لَمْ تُجْبَرِ الزَّوْجَةُ عَلَى بَذْلِهَا، لِأَجْلِ الزِّيَادَةِ، وَأَيُّهُمَا دَعَا إِلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ أُجِيبَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>