للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب تفريق الخمس]

[مسألة:]

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {واعلموا أنما غنمتم من شيء} الآية وروي أن جبير بن مطعم قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما قسم سَهْمَ ذِي الْقُرْبَى بَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي المطلب أتيته أنا وعثمان بن عفان رضي الله عنه فقلنا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَؤُلَاءِ إِخْوَانُنَا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ لَا نُنْكِرُ فَضْلَهُمْ لِمَكَانِكَ الَّذِي وَضَعَكَ الله به مِنْهُمِ أَرَأَيْتَ إِخْوَانَنَا مِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ أَعْطَيْتَهُمْ وتركتنا وإنما قرابتنا وقرابتهم وَاحِدَةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ هكذا وشبك بين أصابعه " وروى جبير بن مطعم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يعط بني عبد شمس ولا بني نوفل من ذلك شيئا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْغَنِيمَةِ، فَأَمَّا خُمُسُهَا وَخُمُسُ الْفَيْءِ فَهُمَا سَوَاءٌ، وَلِأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْفَيْءِ حُكْمٌ يُخَالِفُ حُكْمَ خُمُسِهِ، وَخُمُسُ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ مَقْسُومٌ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ: سَهْمٍ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَيَاتِهِ وَيُصْرَفُ بَعْدَهُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ الْعَامَّةِ، وَسَهْمٍ لِذَوِي الْقُرْبَى مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ بَاقٍ لَهُمْ مَا بَقَوْا، وَسَهْمٍ لِلْيَتَامَى، وَسَهْمٍ لِلْمَسَاكِينِ، وَسَهْمٍ لِبَنِي السَّبِيلِ.

وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيُّ: يُقَسَّمُ الْخُمُسُ عَلَى سِتَّةِ أسهم: سهم منها لله تعالى مصروف في رياح الْكَعْبَةِ وَزِينَتِهَا، ثُمَّ الْخَمْسَةُ الْأَسْهُمِ بَعْدَهُ عَلَى مَا وَصَفْنَاهُ.

وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: يُقَسَّمُ الْخُمُسُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ أُسْقِطَ مِنْهَا سَهْمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمَوْتِهِ.

وَقَالَ أبو حنيفة: يُقَسَّمُ الْخُمُسُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ سَهْمٍ لِلْيَتَامَى، وَسَهْمٍ لِلْمَسَاكِينِ، وَسَهْمٍ لِبَنِي السَّبِيلِ وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ نُقَسِّمُ الْخُمُسَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ أُسْقِطَ مِنْهَا سَهْمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَسَهْمُ ذِي الْقُرْبَى.

وَقَالَ مَالِكٌ: يُصْرَفُ الْخُمُسُ مَعَ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْفَيْءِ فِي وُجُوهِ الْمَصَالِحِ.

فَأَمَّا أَبُو الْعَالِيَةِ فَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: ٤١] فَذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَفْسَهُ مِنَ الْمُسْتَحِقِّينَ فَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ لَهُ.

وَدَلِيلُنَا مَا رَوَى مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " مَا لِيَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>