عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " شَيَّبَتْنِي هودٌ وَأَخَوَاتُهَا " فَعَلَى هَذَا لَا يَلْزَمُهُ إِذَا اسْتَحَقَّتِ النِّصْفَ أَنْ يُعَلِّمَهَا شَيْئًا مِنْهُ؛ لِتَعَذُّرِ تَمَاثُلِهِ، وَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ أُجْرَةِ التَّعْلِيمِ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْقَدِيمِ، وَبِمِثْلِ نصف مهل المثل على قوله في الجديد.
فَصْلٌ: الْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يُطَلِّقَهَا بَعْدَ تَعْلِيمِهَا الْبَعْضَ
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يُطَلِّقَهَا بَعْدَ أَنْ عَلَّمَهَا بَعْضَ الْقُرْآنِ وَبَقِيَ بَعْضُهُ، فَلَا يَخْلُو حَالُ طَلَاقِهِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ بَعْدَهُ.
فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ: فَقَدِ اسْتَقَرَّ لَهَا جَمِيعُهُ.
فَإِنْ قُلْنَا يُعَلِّمُهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ فَعَلَيْهِ تَعْلِيمُهَا مَا بَقِيَ مِنَ الْقُرْآنِ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ بِهِ جَمِيعَ الصَّدَاقِ.
وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَجُوزُ أَنْ يُعَلِّمَهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ تَرَتَّبَ ذَلِكَ عَلَى اخْتِلَافِ أَصْحَابِنَا فِي تَجْزِئَةِ الْقُرْآنِ.
فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ مُتَسَاوِي الْأَجْزَاءِ سَقَطَ عَنْهُ مِنَ الصَّدَاقِ بِقَدْرِ مَا عَلَّمَ، كَأَنَّهُ عَلَّمَهَا النِّصْفَ فَيَسْقُطُ عَنْهُ نِصْفُ الْمَهْرِ وَتَرْجِعُ بِبَدَلِ نِصْفِهِ الْبَاقِي عَلَى الْقَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْقَدِيمُ: بِنِصْفِ أُجْرَةِ التَّعْلِيمِ.
وَالثَّانِي وَهُوَ الْجَدِيدُ: بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ.
وَإِنْ قُلْنَا إِنَّهُ غَيْرُ مُتَسَاوِي الْأَجْزَاءِ.
تَرَتَّبَ ذَلِكَ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِيمَا تَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ بَقِيَّةِ صَدَاقِهَا، فَإِنْ قِيلَ بِالْقَدِيمِ: إِنَّهَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْبَاقِي مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِ التَّعْلِيمِ سَقَطَ هَهُنَا عَنْهُ مِنَ الصَّدَاقِ بِقَدْرِ أُجْرَةِ مَا عَلَّمَ، وَبَنَى لَهَا عَلَيْهِ بِقَدْرِ أُجْرَةِ مِثْلِ مَا بَقِيَ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ مِنْ تَقْسِيطِ ذَلِكَ عَلَى الْأُجْرَةِ لَا عَلَى الْأَجْزَاءِ.
وَإِنْ قِيلَ بِالْجَدِيدِ: إِنَّهَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْبَاقِي مِنْ مهر مثلها سقط عنه من النصف نصفه وَهُوَ الرُّبُعُ؛ لِأَنَّ أَجْزَاءَ النِّصْفِ الَّذِي عَلَّمَهَا قَدْ لَا تُمَاثِلُ أَجْزَاءَ النِّصْفِ الْبَاقِي لَهَا، فَلِذَلِكَ سَقَطَ عَنْهُ نِصْفُ مَا عَلَّمَهَا وَهُوَ الرُّبُعُ، لِأَنَّهُ مُمَاثِلٌ لِحَقِّهَا، وَرَجَعَ عَلَيْهَا بِأُجْرَةِ نِصْفِ مَا عَلَّمَهَا وَهُوَ الرُّبُعُ وَرَجَعَتْ هِيَ عَلَيْهِ بِالْبَاقِي لَهَا وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مَهْرِ الْمِثْلِ.
وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَلَا يَخْلُو مَا عَلَّمَهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ قَدْ عَلَّمَهَا مِنْهُ النِّصْفَ.
وَالثَّانِي: أَكْثَرُ مِنَ النِّصْفِ.
وَالثَّالِثُ: أَقَلُّ مِنَ النِّصْفِ.