للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دُونَهَا وَنَفَقَةُ نَقْلَتِهَا عَلَيْهِ دُونَهَا، فَإِذَا كَمَلَ التَّمْكِينُ بِمُضِيِّ زَمَانِ الِاجْتِمَاعِ فَعَلَى قَوْلِ الْبَغْدَادِيِّينَ تَجِبُ نَفَقَتُهَا حِينَئِذٍ، وَلَا تَجِبُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ بَذْلِ التَّسْلِيمِ، وَعَلَى قَوْلِ الْبَصْرِيِّينَ تَجِبُ نَفَقَتُهَا مِنْ وَقْتِ الشُّرُوعِ فِي التَّسْلِيمِ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي التَّمْكِينِ هَلْ هُوَ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ أَصْلٌ أَمْ شَرْطٌ؟ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ.

(فَصْلٌ)

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الِاسْتِمْتَاعُ مُمْكِنًا مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ لِبُلُوغِهِ وَغَيْرَ مُمْكِنٍ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجَةِ لِصِغَرِهَا وَكَوْنِهَا مِمَّنْ لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا، فَلَا يَلْزَمُ أَهْلُهَا تَسْلِيمُهَا إِلَيْهِ، لأنه زمان يطأها إِنْ تَسَلَّمَهَا، وَفِي وُجُوبِ نَفَقَتِهَا عَلَيْهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَهَا النَّفَقَةُ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَانِعَ مِنَ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا فِي الصِّغَرِ كَالْمَانِعِ مِنْهُ بِالْمَرَضِ، وَنَفَقَةُ الْمَرِيضَةِ وَاجِبَةٌ كَذَلِكَ نَفَقَةُ الصَّغِيرَةِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ تَزَوَّجَهَا عَالِمًا بِأَنَّهُ لَا اسْتِمْتَاعَ فِيهَا فَصَارَ كَالْعَاقِدِ مَعَ عِلْمِهِ بِالْعُيُوبِ، فَلَزِمَ فِيهَا حُكْمُ السَّلَامَةِ مِنْهَا.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ، وَفِي عِشْرَةِ النِّسَاءِ إِنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا، وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ. اسْتِدْلَالًا بِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ فَقْدَ الِاسْتِمْتَاعِ بِالصِّغَرِ أَغْلَظُ مِنْ تَعَذُّرِهِ بِالنُّشُوزِ فِي الْكِبَرِ لِإِمْكَانِهِ فِي حَالِ النُّشُوزِ وَتَعَذُّرِهِ فِي حَالِ الصِّغَرِ، فَكَانَ إِلْحَاقُهُ بِالنُّشُوزِ فِي سُقُوطِ النَّفَقَةِ أَحَقَّ.

وَالثَّانِي: أَنَّ النَّفَقَةَ مُسْتَحَقَّةٌ فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ مِنَ الِاسْتِمْتَاعِ فَصَارَتْ بَدَلًا فِي مُقَابَلَةِ مُبْدَلٍ وَفَوَاتُ الْمُبْدِلِ مُوجِبٌ لِسُقُوطِ الْبَدَلِ سَوَاءٌ كَانَ فَوَاتُهُ بِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِ عُذْرٍ لِسُقُوطِ الثَّمَنِ بِتَلَفِ الْمَبِيعِ.

(فَصْلٌ)

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ الِاسْتِمْتَاعُ مِنَ الزَّوْجَةِ لِكِبَرِهَا وَمُتَعَذِّرًا مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ لِصِغَرِهِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا لِتَعَذُّرِهِ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ، هَلْ يَجْرِي مَجْرَى تَعَذُّرِهِ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيٍّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهُمَا سَوَاءٌ وَإِنَّ وُجُوبَ نَفَقَتِهَا عَلَى قَوْلَيْنِ، لِأَنَّ عِلْمَهَا بِصِغَرِهِ كَعِلْمِهِ بِصِغَرِهَا فَاسْتَوَى فَوَاتُ الِاسْتِمْتَاعِ بِهِمَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ، وَهُوَ الْأَصَحُّ إِنَّ تَعَذُّرَ الِاسْتِمْتَاعِ مِنْ جِهَتِهِ مُخَالِفٌ لِتَعَذُّرِهِ مِنْ جِهَتِهَا وَإِنَّ نَفَقَتَهَا تَجِبُ عَلَيْهِ قَوْلًا وَاحِدًا وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، لِأَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهَا دُونَهُ، وَقَدْ وُجِدَ التَّمْكِينُ مِنْ جهة الزوج فَلَمْ تَسْقُطِ النَّفَقَةُ بِتَعَذُّرِهِ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ فَصَارَ كَمَا لَوْ هَرَبَ أَوْ جُبَّ وَكَالْمُسْتَأْجِرِ داراً إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>