للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِاشْتِرَاكَ فِي نَقْلِهَا مِنْ فَرْضٍ إِلَى فَرْضٍ وَذَلِكَ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِي الزَّكَاةِ، لِأَنَّ تَعْيِينَ الفرض فيها لا يلزم وبهذا المعنى فارقت الصلاة، لأن تغيير الْفَرْضِ فِيهَا يَلْزَمُ، فَلَوْ جَعَلَ نِيَّةَ الصَّلَاةِ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ فَرْضَيْنِ لَمْ يَجُزْ، فَلَوْ قَالَ هَذَا عَنْ مَالِي الْغَائِبِ فَتَلِفَ الْمَالُ الْغَائِبُ لم يجزه عَنِ الْحَاضِرِ، لِأَنَّهُ لَمْ يُشْرِكْهُ فِي نِيَّتِهِ.

فَصْلٌ

: إِذَا كَانَ لَهُ ذُو قَرَابَةٍ يَرِثُهُ من والد أو ولد وكان بعيداً لغيبة فَقَالَ: إِنْ كَانَ مَاتَ وَوَرِثْتُ مَالَهُ فَهَذِهِ زَكَاتُهُ لَمْ يُجْزِهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَبْنِ ذَلِكَ عَلَى أَصْلٍ، كَالْمَالِ الْغَائِبِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَالِ الْغَائِبِ الْبَقَاءُ، وَفِي ذِي الْقَرَابَةِ الْحَيَاةُ، ولهذه المسائل أمثلة في صيام يومي الشَّكِّ الْأَوَّلِ وَالْأَخِيرِ نَذْكُرُهَا فِي كِتَابِ " الصِّيَامِ " إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

فَصْلٌ

: إِذَا وَرِثَ مَالًا فَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ سِنِينَ كَثِيرَةً فَعَلَيْهِ زَكَاتُهُ مِنْ يَوْمِ وَرِثَهُ، لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهِ، وَلَوْ أن رجلاً أوصى لِحَمْلِ امْرَأَةٍ بِمَالٍ تَجِبُ فِي مِثْلِهِ الزَّكَاةُ وَمَاتَ فَوَضَعَتْ حَمْلَهَا لِأَرْبَعِ سِنِينَ مَلَكَ الْمَالَ، وَفِي زَكَاةِ مَا مَضَى وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُخْرِجُ زَكَاةَ مَا مَضَى.

وَالثَّانِي: لَا زَكَاةَ فِيمَا مَضَى وَيَسْتَأْنِفُ حَوْلَهُ مِنْ وَقْتِ الْوَضْعِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَا مُخْرَجَيْنِ مِنِ اخْتِلَافِ قَوْلِهِ فِي الوصية هل تملك بموت الموصي أو بالموت والقبول.

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ أَخْرَجَهَا لِيَقْسِمَهَا وَهِيَ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ فَهَلَكَ ماله كان له حبس الدراهم ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَقَدْ مَضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَقُلْنَا إنه يَخْلُو حَالُهُ عِنْدَ تَلَفِ مَالِهِ بَعْدَ الْحَوْلِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:

إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ إِمْكَانِ الْأَدَاءِ أَوْ بَعْدَهُ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ إِمْكَانِ الْأَدَاءِ فَعَلَيْهِ دَفْعُ مَا أَخْرَجَهُ مِنَ الزَّكَاةِ، وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ، لِأَنَّهُ بِتَأْخِيرِهَا بَعْدَ الْإِمْكَانِ مُفَرِّطٌ فَلَزِمَهُ ضَمَانُهَا، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْإِمْكَانِ حَبَسَ مَا بِيَدِهِ وَجَمَعَهُ إِلَى بَاقِي مَالِهِ، فَإِنْ بَلَغَ نِصَابًا أَخْرَجَ زَكَاتَهُ لَا غير، لأنه دون ما هلك وإن كان دون النصاب فَعَلَى قَوْلَيْنِ مَبْنِيَّيْنِ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي الإمكان.

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " ولو ضاعت منه الَّتِي أَخْرَجَهَا مِنْ غَيْرِ تفريطٍ رَجَعَ إِلَى مَا بَقِيَ مِنْ مَالِهِ فَإِنْ كَانَ فِي مثله الزكاة زكاه وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهِيَ فِي مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ الْمَاضِيَةِ، لَكِنْ فِي تَلَفِ الزَّكَاةِ الْمُخْرَجَةِ دُونَ الْأَصْلِ الْمُتَبَقِّي، كَأَنَّهُ أَخْرَجَ زَكَاتَهُ بَعْدَ الْحَوْلِ فَتَلِفَتْ مِنْ يَدِهِ، فَإِنْ تَلِفَتْ بَعْدَ الْإِمْكَانِ فَعَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>