للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ، وَلَوِ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا فَقُتِلَ ضَمِنَ الْقَاتِلُ قِيمَتَهُ لِسَيِّدِهِ، وَلَمْ يَضْمَنْ مَنْفَعَتَهُ لِمُسْتَأْجِرِهِ، وَإِنْ كَانَتِ الْمَنَافِعُ مُقَوَّمَةً فِي حَقِّهِ كَذَلِكَ فِي قِيمَةِ الْبُضْعِ.

وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُ بِأَنَّ الْأَبَ لَا يُخَالِعُ عَنْ بِنْتِهِ الصَّغِيرَةِ فَلِأَنَّهُ قَدْ كَانَ يَقْدِرُ أَنْ يَتَمَلَّكَ لَهَا بِالْمَالِ مِنَ الْعَقَارِ مَا هُوَ أَنْفَعُ لَهَا، وَلِأَنَّهُ بِالْخُلْعِ وَإِنْ مَلَّكَهَا بَعْضَهَا فَقَدْ أَسْقَطَ بِهِ نَفَقَتَهَا فَلِذَلِكَ يُمْنَعُ.

(فَصْلٌ:)

وَإِذَا تَقَرَّرَ مَا ذَكَرْنَا فَلَا يَخْلُو حَالُ الْخُلْعِ بِالْخَمْرِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَهُوَ مَا مَضَى، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: إِنْ أَعْطَيْتِنِي خَمْرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فإذا أعطته الخمر طلقت ووجب لها عَلَيْهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، وَإِنْ كَانَ الْخَمْرُ عَيْنًا فَضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُعَجِّلَ بِهِ الطَّلَاقَ وَكَأَنَّهُ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي هَذَا الْخَمْرَ فَقَدْ طُلِّقَتْ وَلَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهَا ذَلِكَ الْخَمْرَ، وَهَلْ يَسْتَحِقُّ عَلَيْهَا مَهْرَ مِثْلِهَا أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَسْتَحِقُّهُ كَمَا كَانَ الْخَمْرُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَعَلَى هَذَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي:؟ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ مَعَ تَعْيِينِ الْخَمْرِ مَهْرَ الْمِثْلِ، لِأَنَّهُ لَمَّا عين تملك ذلك الخمر فقد عين أن لا يَتَمَلَّكَ مَا سِوَى الْخَمْرِ فَلِذَلِكَ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ بَدَلِهِ، وَلَمْ يَسْقُطْ مَعَ تَرْكِ التَّعْيِينِ حَقُّهُ مِنَ الْبَدَلِ، فَعَلَى هَذَا يَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا، لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ بَدَلًا.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَجْعَلَ الطَّلَاقَ مُعَلَّقًا بِدَفْعِهِ.

مِثَالُهُ أَنْ يَقُولَ: إِنْ أَعْطَيْتِنِي هَذَا الْخَمْرَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِذَا أَعْطَتْهُ ذَلِكَ فَفِي وُقُوعِ طَلَاقِهِ بِهِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى مَا مَضَى مِنَ الْوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: تُطَلَّقُ بِهِ إِذَا قِيلَ: إِنَّهُ لَوْ عَجَّلَ طَلَاقَهَا بِهِ رَجَعَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ كَذَلِكَ ها هنا تُطَلَّقُ بِدَفْعِهِ وَتَرْجِعُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تُطَلَّقُ بِدَفْعِهِ إِذَا قِيلَ: إِنَّهُ لَوْ عَجَّلَ طَلَاقَهَا بِهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ، والفرق بين أن لا يُعَيِّنَ الْخَمْرَ فَتُطَلَّقَ وَبَيْنَ أَنْ يُعَيِّنَ الْخَمْرَ فَلَا تُطَلَّقَ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالتَّعْيِينِ التَّمْلِيكُ وَبِالْإِطْلَاقِ الصفة والله أعلم.

[(مسألة:)]

قال الشافعي: (وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَعَلَيْكِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَهِيَ طَالِقٌ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَعَلَيْكِ حِجَّةٌ وَلَوْ تَصَادَقَا أَنَّهَا سَأَلَتْهُ الطَّلَاقَ فَطَلَّقَهَا عَلَى ذَلِكَ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي رَجُلٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَعَلَيْكِ أَلْفٌ فَهَذَا على ضربين:

<<  <  ج: ص:  >  >>