للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَمَّا إِذَا قَالَ: أَعْطُوهُ مَطِيَّةً، أَوْ رَاحِلَةً.

فَذَلِكَ يَتَنَاوَلُ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ، فَيُعْطِيهِ الْوُرَّاثُ مِنْهُمَا ما شاء. والله أعلم.

[مسألة:]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " فإن قال أعطوه دابة من مالي فمن الخيل أو البغال أو الحمير ذكرا كان أو أنثى صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا أَعْجَفَ أَوْ سَمِينًا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ. أَمَّا اسْمُ الدَّوَابِّ: فَيَنْطَلِقُ عَلَى كُلِّ مَا دَبَّ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ حَيَوَانٍ اشْتِقَاقًا مِنْ دَبِيبِهِ عَلَيْهَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود: ٦] . غَيْرَ أَنَّهُ فِي الْعُرْفِ مُخْتَصٌّ بِبَعْضِهَا. فَإِنْ قَالَ: أَعْطُوهُ دَابَّةً مِنْ دَوَابِّي، قَالَ الشَّافِعِيُّ: يُعْطَى مِنَ الْخَيْلِ أو البغال، أو الحمير.

وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا: فَكَانَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ يَحْمِلُ ذَلِكَ عَلَى عُرْفِ النَّاسِ بِمِصْرَ، حَيْثُ قَالَ ذَلِكَ فِيهِمْ، وَذِكْرُهُ لَهُمُ اعْتِبَارًا بِعُرْفِهِمْ، لِأَنَّ اسْمَ الدَّوَابِّ فِي عُرْفِهِمْ مُنْطَلَقٌ عَلَى الْأَجْنَاسِ الثَّلَاثَةِ مِنَ الْخَيْلِ، وَالْبِغَالِ، وَالْحَمِيرِ.

فَأَمَّا بِالْعِرَاقِ وَالْحِجَازِ، فَلَا يَنْطَلِقُ إِلَّا عَلَى الْخَيْلِ ولا يتناول غيرها إلا مجازا بعرف بقرينته.

فَإِنْ كَانَ هَذَا الْمُوصِي بِمِصْرَ: خُيِّرَ وَرَثَتُهُ بَيْنَ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ. وَإِنْ كَانَ بِالْعِرَاقِ: لَمْ يُعْطُوهُ إِلَّا مِنَ الْخَيْلِ.

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ، وَأَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ:

بَلِ الْجَوَابُ مَحْمُولٌ عَلَى ظَاهِرِهِ فِي كُلِّ الْبِلَادِ، لِأَنَّ اسْمَ الدَّوَابِّ يَنْطَلِقُ عَلَى هَذِهِ الْأَجْنَاسِ الثَّلَاثَةِ مِنَ الْخَيْلِ، وَالْبِغَالِ، وَالْحَمِيرِ.

فَإِنْ شَذَّ بَعْضُ الْبِلَادِ بِتَخْصِيصِ بَعْضِهَا بِالِاسْمِ لَمْ يُعْتَبَرْ بِهِ حُكْمُ الْعُرْفِ الْعَامِّ.

فَلَوْ قَرَنَ ذَلِكَ بِمَا يَدُلُّ عَلَى التَّخْصِيصِ، حُمِلَ عَلَى قَرِينَتِهِ، كَقَوْلِهِ: أَعْطُوهُ دَابَّةً يُقَاتِلُ عَلَيْهَا، فَلَا يُعْطَى إِلَّا مِنَ الْخَيْلِ عَتِيقًا، أَوْ هَجِينًا، ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَلَا يُعْطَى صَغِيرًا وَلَا قمحا لَا يُطِيقُ الرُّكُوبَ.

وَلَوْ قَالَ دَابَّةً يُحْمَلُ عَلَيْهَا: أُعْطِيَ مِنَ الْبِغَالِ، أَوِ الْحَمِيرِ دُونَ الْخَيْلِ.

وَلَوْ قَالَ دَابَّةً يَنْتَفِعُ بِنِتَاجِهَا: أُعْطِيَ مِنَ الْخَيْلِ أَوِ الْحَمِيرِ دُونَ الْبِغَالِ لِأَنَّهَا لَا نِتَاجَ لَهَا.

وَلَوْ قَالَ دَابَّةً يَنْتَفِعُ بِدَرِّهَا وَظَهْرِهَا: لَمْ يُعْطَ إِلَّا مِنَ الْخَيْلِ، لأن لبنها من لَبَنَ غَيْرِهَا مِنَ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ: مَحْظُورٌ.

وَلَوْ قَالَ: دَابَّةً مِنْ دَوَابِّي، وَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِهِ إِلَّا أَحَدُ الْأَجْنَاسِ لَمْ يُعْطَ غَيْرَهُ.

وَلَوْ كَانَ فِي مَالِهِ جِنْسَانِ:

أَعْطَاهُ الْوَارِثُ أحدهما، ولم يعط الثَّالِثَ الَّذِي لَيْسَ فِي مَالِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>