للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(اشْدُدْ حَيَازِيمَكَ لِلْمَوْتِ ... فَإِنَّ الْمَوْتَ آتِيكَ)

(وَلَا تَجْزَعْ مِنَ الْمَوْتِ ... إِذَا حَلَّ بِوَادِيكَ)

وَأَحْرَمَ بِرَكْعَتِي الْفَجْرِ، فَأَمْسَكَ ابْنُ مُلْجِمٍ عَنْهُ فِي الركعة الأول حَتَّى قَدَّرَ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ، وَرَأَى سُجُودَهُ أَطْوَلَ مِنْ رُكُوعِهِ، وَكَذَا السُّنَّةُ. فَلَمَّا قَامَ إِلَى الثَّانِيَةِ ضَرْبَهُ فِي سُجُودِهِ ضَرْبَةً فَلَقَ بِهَا هَامَتَهُ.

فَقَالَ عَلِيٌّ: فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ.

وَأُخِذَ ابْنُ مُلْجِمٍ فَحُمِلَ إِلَيْهِ، وَقِيلَ لَهُ: اقْتُلْهُ قَبْلَ أَنْ يَقْتُلَكَ.

فَقَالَ: كَيْفَ أَقْتُلُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْتُلَنِي، إِنْ عِشْتُ فَأَنَا وَلِيُّ دَمِي أَعْفُو إِنْ شِئْتُ وَإِنْ شِئْتُ اسْتَقَدْتُ، وَإِنْ مُتُّ فَقَتَلْتُمُوهُ فَلَا تُمَثِّلُوا وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى.

وَكَانَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَلَمَّا جَاءَ وَقْتُ الْإِفْطَارِ، قَالَ: أَطْعِمُوهُ وَأَحْسِنُوا إِسَارَهُ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ قُدِّمَ إِلَيْهِ الطَّعَامُ فِي دَارِهِ ابْنُ مُلْجِمٍ.

فَلَمَّا مَاتَ قَتَلَهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَوَدًا.

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَفِي النَّاسِ بَقِيَّةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَمَا أَنْكَرَ قَتْلَهُ وَلَا عَابَهُ أَحَدٌ.

فَدَلَّ عَلَى فَرْقِ مَا بَيْنَ الِامْتِنَاعِ وَالْقُدْرَةِ.

وَلِأَنَّ سُقُوطَ الْقَوَدِ فِي الِامْتِنَاعِ وَالْكَثْرَةِ إِنَّمَا هُوَ لِلْحَاجَةِ إِلَى تَأَلُّفِهِمْ فِي الرُّجُوعِ إِلَى الطَّاعَةِ، وَالْمُنْفَرِدُ مَقْهُورٌ لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَأَلُّفِهِ فَلِذَلِكَ وَقَعَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُمْتَنِعِ وَغَيْرِ الْمُمْتَنِعِ.

(مَسْأَلَةٌ)

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِذَا كَانَتْ لِأَهْلِ الْبَغْيِ جَمَاعَةٌ تَكْبُرُ وَيَمْتَنِعُ مِثْلُهَا بِمَوْضِعِهَا الَّذِي هِيَ بِهِ بَعْضَ الِامْتِنَاعِ حَتَّى يُعْرَفَ أَنَّ مِثْلَهَا لَا يُنَالُ إِلَّا حتى تكثر نكايته واعتقدت ونصبت إماماً وأظهرت حكما وامتنعت من حكم الإمام العادل فهذه الفئة الباغية التي تفارق حكم من ذكرنا قبلها فإن فعلوا مثل هذا فينبغي أن يسألوا ما نقموا فإن ذكروا مظلمة بينة ردت وإن لم يذكروها بينة قيل عودوا لما فارقتم من طاعة الإمام العادل وأن تكون كلمتكم وكلمة أهل دين الله على المشركين واحدة وأن لا تمتنعوا من الحكم فإن فعلوا قبل منهم وإن امتنعوا قيل إنا مؤذنوكم بحرب فإن لم

<<  <  ج: ص:  >  >>