للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(تعدد القسام) .

فَإِنِ اكْتَفَى عَمَلُهُ بِقَاسِمٍ وَاحِدٍ. وَإِلَّا اخْتَارَ مِمَّنْ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْعَمَلُ، مِنْ ثَانٍ، وَثَالِثٍ ليغني المقتسمين عن اختيار القاسم فَقَدْ يَضْعُفُ كَثِيرٌ مِنْهُمْ عَنِ الِاجْتِهَادِ فِي اختيارهم.

(أجرة القاسم) .

وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ أُجُورُ هَؤُلَاءِ الْقُسَّامِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ عَلِيًّا رَزَقَهُمْ مِنْهُ، وَلِأَنَّهُمْ مَنْدُوبُونَ لِلْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ فَاقْتَضَى أَنْ تَكُونَ أُجُورُهُمْ مِنْ أَمْوَالِ الْمَصَالِحِ.

فَإِنْ كَثُرَتِ الْقِسْمَةُ وَاتَّصَلَتْ فُرِضَتْ أَرْزَاقُهُمْ مُشَاهَرَةً فِي بَيْتِ الْمَالِ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ وَإِنْ قَلَّتْ أُعْطُوا مِنْهُ أُجْرَةَ كُلِّ قِسْمَةٍ.

فَإِنْ عَدَلَ الْمُقَسَّمُونَ عَنْهُمْ إِلَى قِسْمَةِ مَنْ تَرَاضَوْا بِهِ مِنْ غَيْرِهِمْ جَازَ، وَلَمْ يُعْتَرَضْ عَلَيْهِمْ، وَجَازَ أَنْ يَكُونَ مَنِ ارْتَضَوْهُ عَبْدًا، أَوْ فَاسِقًا، وَكَانَتْ أُجْرَتُهُ فِي أموالهم ولم تكن في بيت المال.

[(مسألة)]

: قال الشافعي: " وَإِنْ لَمْ يُعْطُوَا خُلِّيَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَنْ طَلَبَ الْقَسْمَ وَاسْتَأْجَرَهُمْ طَالِبُ الْقَسْمِ بِمَا شَاءَ قَلَّ أَوْ كَثُرَ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، إِذَا أَعْوَزَتْ أُجُورُ الْقَسَّامِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، إِمَّا لِعَدَمِهِ فِيهِ، وَإِمَّا لِحَاجَةِ الْمُقَاتِلَةِ إِلَيْهِ كَانَتْ أُجُورُهُمْ عَلَى الْمُتَقَاسِمِينَ إِنْ لَمْ يَجِدُوا مُتَبَرِّعًا.

وَلَا تَمْنَعُ نِيَابَتُهُمْ عَنِ الْقُضَاةِ أَنْ يَعْتَاضُوا عَلَى الْقِسْمَةِ بِخِلَافِ الْقُضَاةِ الْمَمْنُوعِينَ مِنَ الاعتياض على الأحكام من الخصوم الوقوع الفرق بينهما وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: إِنَّ فِي الْقَضَاءِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى يَمْنَعُ بِهِ الْقَاضِي مِنَ الِاعْتِيَاضِ، وَالْقِسْمَةُ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ الْمَحْضَةِ فَجَازَ لِلْقَاسِمِ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا.

وَالثَّانِي: إِنَّ لِلْقَاسِمِ عَمَلًا يُبَاشِرُ بِنَفْسِهِ فَصَارَ كَصُنَّاعِ الْأَعْمَالِ فِي جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهَا وَخَالَفَ الْقُضَاةَ الْمُقْتَصِرِينَ عَلَى الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي الَّتِي لَا يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا.

وَإِنَّمَا يَأْخُذُ الْقَاضِي رِزْقَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِانْقِطَاعِهِ إِلَى الْحُكْمِ وَلَيْسَ بِأَخْذِهِ أُجْرَةً عَلَى الْحُكْمِ كَمَا نَقُولُهُ فِي أَرْزَاقِ الْأَئِمَّةِ وَالْمُؤَذِّنِينَ.

(فَصْلٌ)

: فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ أَخْذَ الْأُجْرَةِ عَلَى الْقِسْمَةِ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ أَخْذُهَا عَنِ الْحُكْمِ فَالْكَلَامُ عَنْهَا يَشْتَمِلُ عَلَى فَصْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: عَدَدُ الْقُسَّامِ.

وَالثَّانِي: حُكْمُ الْأُجْرَةِ.

فَأَمَّا عَدَدُ الْقُسَّامِ فَلِلْقِسْمَةِ حَالَتَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَتَرَاضَى بِهَا الْمُقْتَسِمُونَ.

وَالثَّانِيَةُ: أَنْ يَأْمُرَ بِهَا الْحُكَّامُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>