للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: هُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ عَلَيْهِ تَحْرِيرَ رَقَبَةٍ، وَهَذَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ تَحْرِيرٍ مِنْهُ، فَلَمْ يُجْزِهِ لِعَدَمِ مَا لَزِمَهُ مِنْ فِعْلِ التَّحْرِيرِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إنَّ تَعْلِيلَ الْمَنْعِ مِنْ إِجْزَائِهِ أَنَّ الرَّقَبَةَ الْوَاحِدَةَ لَا يُجْزِئُ عِتْقُهَا بِسَبَبَيْنِ حَتَّى يَكُونَ مَقْصُورًا عَلَى أَحَدِهِمَا، وَهَذَا عِتْقٌ بِسَبَبَيْنِ، فَكَانَ مَقْصُورًا عَلَى أَثْبَتِهِمَا.

[(مسألة:)]

قال الشافعي: " وَلَوِ اشْتَرَى رَقَبَةً بِشَرْطٍ يُعْتِقُهَا لَمْ تُجْزِ عَنْهُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ مَضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ إِذَا اشْتَرَى عَبْدًا بِشَرْطِ العتق فللشافعي في البيع والشرط ثلاثة أقاويل:

أحدها: إنَّ الْبَيْعَ وَالشَّرْطَ بَاطِلَانِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، فَعَلَى هَذَا إِنْ أَعْتَقَهُ عَنْ كَفَّارَةٍ لَمْ يُجْزِهِ، لِأَنَّهُ أَعْتَقَ مَا لَمْ يَمْلِكْ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُجْزِئُهُ، وَيَكُونُ مَأْخُوذًا بِعِتْقِهِ، لِأَجْلِ الشَّرْطِ حَكَاهُ أَبُو ثَوْرٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ احْتِجَاجًا بِأَنَّ عَائِشَةَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا اشْتَرَتْ بَرِيرَةَ بِشَرْطِ الْعِتْقِ فَأَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَيْعَ وَأَمْضَى الشَّرْطَ، فَعَلَى هَذَا لَا يُجْزِئُهُ عِتْقُهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ، لِأَنَّهُ يَصِيرُ عِتْقًا بِسَبَبَيْنِ، وَلَا يُجْزِئُ فِي الْكَفَّارَةِ إِلَّا عِتْقُ رَقَبَةٍ يختص بسببها.

والقول الثالث: إنَّ الْبَيْعَ جَائِزٌ وَالشَّرْطَ باطلٌ وَلَا يَلْزَمُهُ عتقها من غَيْرِ الْكَفَّارَةِ، فَعَلَى هَذَا إِنْ أَعْتَقَهَا فِي الْكَفَّارَةِ فَفِي إِجْزَائِهَا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: تُجْزِئُ، لِأَنَّهُ عِتْقٌ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ التَّكْفِيرُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إنَّهَا لَا تُجْزِئُ لِأَنَّ الشَّرْطَ قَدْ أَخَذَ من الثمر قِسْطًا، فَصَارَ الْعِتْقُ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ فَجَرَى مَجْرَى الْعِتْقِ بِسَبَبَيْنِ، وَخَرَجَ عَمَّا انْفَرَدَ عِتْقُهُ عن التكفير.

[(مسألة:)]

قال الشافعي: " وَيُجْزِئُ الْمُدَبَّرُ وَلَا يَجُوزُ الْمُكَاتَبُ حَتَّى يَعْجِزَ فَيُعْتَقَ بَعْدَ الْعَجْزِ وَيُجْزِئُ الْمُعْتَقُ إِلَى سِنِينَ واحتج في كتاب اليمين مع الشاهد على من أجاز عتق الذمي في الكفارة بأن الله عز وجل لما ذكر رقبةً في كفارةٍ فقال " مؤمنةٍ " ثم ذكر رقبةً أخرى في كفارةٍ كانت مؤمنةً لأنهما يجتمعان في أنهما كفارتان ولما رأينا ما فرض الله عز وجل على المسلمين في أموالهم منقولاً إلى المسلمين لم يجز أن يخرج من ماله فرضاً عليه فيعتق به ذمياً ويدع مؤمناً ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الْمُدَبَّرُ فَيُجْزِئُ عِتْقُهُ عَنِ الْكَفَّارَةِ لِبَقَائِهِ عَلَى الرِّقِّ وَجَوَازِ

<<  <  ج: ص:  >  >>