للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: يعتبر عدة الأضلاع فإن أضلاع المرأة يتساوى مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ وَالْجَانِبِ الْأَيْسَرِ، وَأَضْلَاعُ الرَّجُلِ ينقص مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ ضِلَعٌ لِمَا حُكِيَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ حَوَّاءَ مِنْ ضِلَعِ آدَمَ الْأَيْسَرِ فَلِذَلِكَ نَقُصَ مِنْ أَضْلَاعِ الرَّجُلِ الْيُسْرَى ضِلَعٌ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قِيلَ لِلْمَرْأَةِ ضِلَعٌ أَعْوَجُ، وَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ:

(هِيَ الضِّلَعُ الْعَوْجَاءُ لَسْتَ تُقِيمُهَا ... ألا إن تقويم الضلوع انكسارها)

(أيجمعهن ضعفاً واقتداراً على الهوى ... أليس عجيبٌ ضَعْفُهَا وَاقْتِدَارُهَا)

وَتَوْجِيهُ هَذَا الْوَجْهِ فِي اعْتِبَارِ الْأَضْلَاعِ الْأَثَرُ الْمَرْوِيُّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عنه أن أمر قنبرا برقاء وَهُمَا مَوْلَيَاهُ أَنْ يَعُدَّا أَضْلَاعَ خُنْثَى مُشْكِلٍ فَإِنِ اسْتَوَتْ أَضْلَاعُهُ مِنْ جَانِبَيْهِ فَهِيَ امْرَأَةٌ، وَإِنْ نَقَصَتِ الْيُسْرَى ضلعٌ فَهُوَ رَجُلٌ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا إِنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِالْأَضْلَاعِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عدل عنها إلى الاعتبار بالمبال وهو أَلْزَمُ حَالًا مِنَ الْمَبَالِ وَأَقْوَى لَوْ كَانَ بها اعتبار لما جَازَ الْعُدُولُ عَنْهَا إِلَى الْمَبَالِ الَّذِي هُوَ أَضْعَفُ مِنْهَا، وَلَيْسَ الْأَثَرُ الْمَرْوِيُّ فِيهِ عَنْ عَلِيٍّ ثَابِتًا.

وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُ التَّشْرِيحِ مِنْ عُلَمَاءِ الطِّبِّ: إِنَّ أَضْلَاعَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ مُتَسَاوِيَةٌ من الجانبين، أنها أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ ضِلْعًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ مِنْهَا اثْنَا عَشَرَ ضِلْعًا، وَقَدْ أُضِيفَ إِلَى هَذَا الأثر مع مَا يَدْفَعُهُ وَيَرُدُّهُ مِنَ الْمُشَاهَدَةِ خُرَافَةٌ مَصْنُوعَةٌ تَمْنَعُ مِنْهَا الْعُقُولُ، وَهُوَ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ خنثى على صداق أمة، وأنه وطأ الخنثى فأولدها ووطأ الْخُنْثَى الْأَمَةَ فَأَوْلَدَهَا فَصَارَ الْخُنْثَى أُمًّا وَأَبًا فَرُفِعَ إِلَى عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ فَأَمَرَ بِعَدِّ أَضْلَاعِهِ فَوُجِدَتْ مُخْتَلِفَةً فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَهَذَا مدفوع ببداهة الْعُقُولُ.

فَصْلٌ

فَأَمَّا مُمَاثَلَةُ الرِّجَالِ فِي طِبَاعِهِمْ وكلامهم ومماثلة النساء في طباعهن وكلامهم فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ؛ لِأَنَّ فِي الرِّجَالِ مُؤَنَّثٌ وَفِي النِّسَاءِ مُذَكَّرٌ، وَكَذَلِكَ اللِّحْيَةُ لَا اعْتِبَارَ بِهَا لِأَنَّ فِي الرِّجَالِ مَنْ لَيْسَ لَهُ لِحْيَةٌ وَفِي النِّسَاءِ مَنْ رُبَّمَا خَرَجَ لَهَا لحية على أنه قد قَلَّ مَا يَبْقَى بَعْدَ الْبُلُوغِ إِشْكَالٌ.

فَصْلٌ

فَأَمَّا الْمَنِيُّ وَالْحَيْضُ فَإِنِ اجْتَمَعَ لَهُ إِنْزَالُ الْمَنِيِّ وَدَمُ الْحَيْضِ فَهُوَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:

أحدها: أن يخرجها من فرجه فتكون امْرَأَةً، وَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَمَارَةٌ تَدُلُّ عَلَى زَوَالِ إِشْكَالِهِ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَخْرُجَا عن ذَكَرِهِ فَيَزُولُ إِشْكَالُهُ بِالْإِنْزَالِ وَحْدَهُ، وَيَكُونُ رَجُلًا وَلَا يَكُونُ الدَّمُ حَيْضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>