للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلَى جَمِيعِ الْأَحْوَالِ لَيْسَ لِلْبَائِعِ إِقْرَارُ الْحِجَارَةِ فِي الْأَرْضِ إِنْ أَقَامَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَيْعِ فَهَذَا الْقِسْمُ الثَّانِي.

فَصْلٌ:

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ تَرْكُهَا غَيْرَ مُضِرٍّ لِبُعْدِهَا مِنْ عُرُوقِ الْغَرْسِ وَالزَّرْعِ، وَقَلْعُهَا مُضِرٌ لِمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ غِرَاسٍ وَزَرْعٍ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ فَلَا يَخْلُو حَالُ الْمُشْتَرِي مِنْ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالْحَالِ أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ.

فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالْحَالِ فَلِلْبَائِعِ قَلْعُ حِجَارَتِهِ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي وَلَا أُجْرَةَ لِأَجْلِ عِلْمِهِ، فَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ غَرَسَ عَلَيْهَا، أَوْ زَرَعَ كَانَ لِلْبَائِعِ قَطْعُ غَرْسِهِ وَزَرْعِهِ لِيَصِلَ إِلَى قَلْعِ حِجَارَتِهِ.

وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي غَيْرَ عَالِمٍ بِالْحَالِ قِيلَ لِلْبَائِعِ تَسْمَحُ بِتَرْكِ الْحِجَارَةِ فَإِنْ سَمَحَ بِهَا لَزِمَ الْبَيْعُ وَسَقَطَ خِيَارُ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ قَبُولِهِمَا لِيَثْبُتَ لَهُ الْفَسْخُ.

فَإِنْ قِيلَ فَهَذِهِ هِبَةٌ وَالْهِبَةُ لَا يَلْزَمُ قَبُولُهَا.

قِيلَ لَيْسَ الْمَقْصُودُ بِتَرْكِهَا الْهِبَةَ حَتَّى لَا يَلْزَمَ قَبُولُهَا وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ بِتَرْكِهَا إِسْقَاطُ الضَّرَرِ عَلَى الْمُشْتَرِي فِيمَا يَلْحَقُهُ بِالْقَلْعِ فَخَرَجَ عَنْ مَعْنَى الْهِبَةِ وَسَقَطَتْ فِيهِ الْمُكَافَأَةُ وَالْمِنَّةُ ثُمَّ لَيْسَ لِلْبَائِعِ إِذَا سَمَحَ بِهَا أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا سَوَاءٌ وَجَدَ من المشتري القبول أم لَا؛ لِأَنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى الْإِبْرَاءِ الَّذِي لَا يَجُوزُ فِيهِ الرُّجُوعُ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْقَبُولَ.

وَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ أُرِيدُ قَلْعَهَا وَلَسْتُ أَسْمَحُ بِهَا. قِيلَ لِلْمُشْتَرِي هَذَا عَيْبٌ تَسْتَحِقُّ بِهِ الخيار فإن فسخ رجع بالثمن، وإن أقام لَمْ يَخْلُ حَالُ الْأَرْضِ الَّتِي يَضُرُّ بِهَا قَلْعُ الْحِجَارَةِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ:

إِمَّا أَنْ يَكُونَ فِيهَا غَرْسٌ مُتَقَدَّمٌ قَدْ دَخَلَ فِي الْبَيْعِ، أَوْ يَكُونُ فِيهَا غَرْسٌ قَدِ اسْتَحْدَثَهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْبَيْعِ، أَوْ يَكُونُ فِيهَا زَرْعٌ.

فَإِنْ كَانَ فِيهَا غَرْسٌ مُتَقَدَّمٌ قَبْلَ الْبَيْعِ يَضُرُّ بِهِ قَلْعُ الْحِجَارَةِ. فَلِلْبَائِعِ قَلْعُ حِجَارَتِهِ وَيَنْظُرُ فَإِنْ قَلَعَهَا بَعْدَ الْقَبْضِ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِ الْمُدَّةِ وَإِنْ طَالَتْ، وَأَرْشُ مَا نَقَصَ الْغَرْسُ بِالْقَلْعِ وَتَسْوِيَةِ الْأَرْضِ.

وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَلْزَمْهُ أَرْشُ نَقْصِ الْغَرْسِ، وَلَا تَسْوِيَةِ الْأَرْضِ وَهَلْ يَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ أَمْ لَا عَلَى وَجْهَيْنِ.

وَإِنْ كَانَ الْغَرْسُ قَدِ اسْتَحْدَثَهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْبَيْعِ فَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ الْقَبْضِ فَنُلْزِمُهُ الْأُجْرَةَ وَنَقْصَ الْغَرْسِ وَتَسْوِيَةَ الْأَرْضِ وَلَا يَلْزَمُ الْبَائِعُ تَرْكَ حِجَارَتِهِ إِلَى مُضِيِّ مُدَّةِ الْغِرَاسِ.

وَإِنْ كَانَ فِيهَا زَرْعٌ فَزَرْعُ الْمُشْتَرِي يَكُونُ بَعْدَ قَبْضِ الْأَرْضِ وَعَلَى الْبَائِعِ تَرْكُ حِجَارَتِهِ إِلَى مُضِيِّ الزَّرْعِ؛ لِأَنَّهُ زَرْعٌ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ فَلَا يُقْلَعُ زَرْعُهُ قبل حصاده.

<<  <  ج: ص:  >  >>