للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: إِذَا كَانَ الْحَائِطُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا الْقِسْمَةَ وَأَرَادَ إِجْبَارَ شَرِيكِهِ عَلَيْهَا عِنْدَ امْتِنَاعِهِ مِنْهَا لَمْ يخل ذلك من ثلاثة أقسام:

أحدهما: أَنْ يَكُونَ بِنَاءً لَا عَرْصَةَ لَهُ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ عَرْصَةً لَا بِنَاءَ فِيهَا.

وَالثَّالِثُ: أن يكون مَعًا.

فَإِنْ كَانَ الْحَائِطُ بِنَاءً لَا عَرْصَةَ لَهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَسَّمَ جَبْرًا لِأَنَّ الْبِنَاءَ لَا يُعْلَمُ مَا فِيهِ لِيَتَسَاوَيَا فِي الِاقْتِسَامِ بِهِ إِلَّا بَعْدَ هَدْمِهِ وَفِي هَدْمِهِ ضَرَرٌ فَلَمْ يَدْخُلْهُ إِجْبَارٌ فَإِنِ اصْطَلَحَا عَلَيْهِ جاز.

وإن كان ذلك عرصة لأبناء فِيهَا دَخَلَهَا الْإِجْبَارُ فِي الْقِسْمَةِ فَإِنْ دَعَا الطَّالِبُ إِلَى قسْمَةِ عَرْصَة الْحَائِطِ طُولًا أُجِيبَ إِلَيْهَا وَمِثَالُهُ أَنْ يَكُونَ طُولُ الْعَرْصَةِ عَشَرَةَ أذرع وعرضها ذراع فيدعوا إِلَى قِسْمَةِ الطُّولِ لِيَكُونَ خَمْسَةَ أَذْرُعٍ مِنَ الْعَشَرَةِ فِي عَرْضِ ذِرَاعٍ فَهَذَا جَائِزٌ لِأَنَّ أَيَّ النِّصْفَيْنِ حَصَلَ لَهُ بِالْقُرْعَةِ نَفَعَهُ، فَإِنْ دعي إلى القسمة عرضا ليكون له شبرا مِنَ الْعَرْضِ فِي الطُّولِ كُلِّهِ فَفِي جَوَازِ الْجَبْرِ عَلَيْهَا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ إِنَّهُ لَا يُجَابُ إِلَيْهَا وَلَا يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ عَلَيْهَا، لِأَنَّ قِسْمَةَ الْإِجْبَارِ مَا دَخَلَتْهَا الْقُرْعَةُ.

وَدُخُولُ الْقُرْعَةِ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ مُضِرٌّ، لِأَنَّهُ قَدْ يَحْصُلُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِالْقُرْعَةِ مَا يَلِي صَاحِبَهُ، فَلَا يَنْتَفِعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِشَيْءٍ مِمَّا صَارَ إِلَيْهِ، وَعَادَتْ بِالضَّرَرِ عَلَيْهِ، وَالْقِسْمَةُ إِذَا عَادَتْ بِضَرَرِ الشَّرِيكَيْنِ لَمْ يَدْخُلْهَا الْإِجْبَارُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ: إِنَّهُ يُجَابُ إِلَيْهَا، وَيُقْسَمُ عَرْضُ الْعَرْصَةِ بَيْنَهُمَا، وَيُدْفَعُ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ منهما النصف الذي يليه بغير ذرعه، لِأَنَّ الْقُرْعَةَ تَدْخُلُ فِي الْقِسْمَةِ لِتَمْيِيزِ مَا اشْتَبَهَ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَالْأَنْفَعُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَأْخُذَ مَا يَلِيهِ، فَلَمْ يَكُنْ لِدُخُولِ الْقُرْعَةِ وَجْهٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ: ثُمَّ قُلْتُ لَهُ إِنْ شِئْتَ أَنْ تَزِيدَ مِنْ عَرْصَةِ دَارِكَ أَوْ بَيْتِكَ شِبْرًا آخَرَ لِيَكُونَ لَكَ، جِدَارًا خَالِصًا فَذَلِكَ لَكَ.

وَهَذَا لَمْ يَقُلْهُ مَشُورَةً كَمَا عَابَهُ مَنْ جَهِلَ مَعْنَى كَلَامِهِ، وَإِنَّمَا قَالَهُ لِيُبَيِّنَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ يَنْتَفِعُ بِمَا صَارَ لَهُ.

ثُمَّ ذَكَرَ وَجْهَ الْمَنْفَعَةِ، بِأَنْ يَضُمَّ إِلَى الْعَرْصَةِ شِبْرًا لِيَصِيرَ جِدَارًا كَامِلًا.

(فَصْلٌ)

فَإِنْ كَانَ الْحَائِطُ بِنَاءً وَعَرْصَةً نُظِرَ فِي طَالِبِ الْقِسْمَةِ، فَإِنْ دُعِيَ إليها عرضا

<<  <  ج: ص:  >  >>