لِيَمْتَازَ عَمَّا مَلَكَهُ الْوَارِثُ مِنْ رِبْحِهَا الَّذِي لَا يَتَعَلَّقُ بِالَّذِي لَهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ جاز لأن التخوف من ظهور الدين ملغا باعتبار الأصل بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ. فَإِنْ قِيلَ الشَّرِكَةُ عَقْدٌ فَكَيْفَ يَصِحُّ مَعَ الْجَهْلِ بِقَدْرِ الْمَالِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ قِيلَ إِنَّمَا يَلْزَمُ الْعِلْمُ بِقَدْرِ نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ جُمْلَةِ الْمَالِ مِنْ نِصْفٍ أَوْ ثُلُثٍ أَوْ رُبُعٍ وَلَا يَلْزَمُ مَعْرِفَةُ وَزْنِهِ أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا وَوَضَعَ أَحَدُهُمَا دَرَاهِمَ فِي كِفَّةِ مِيزَانٍ وَوَضَعَ الْآخَرُ بِإِزَائِهَا وَاشْتَرَكَا بِهَا. وَاتَّجَرَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَا وَزْنَهَا صَحَّتِ الشَّرِكَةُ لِلْعِلْمِ بِحِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنَ الْجُمْلَةِ كَذَلِكَ الْوَارِثُ فِي التَّرِكَةِ.
(فَصْلٌ)
وَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ غير جائز التصرف إما بصغر أو جنون أو سفله فَلِوَلِيِّهِ أَنْ يَفْعَلَ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ أَحَظَّ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ لِلْوَارِثِ فَإِنْ كَانَ أَحَظُّ الْأُمُورِ لَهُ الْمُقَاسَمَةَ عَلَيْهَا قَاسَمَ وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْتَدِيمَ الشَّرِكَةَ وَإِنْ كَانَ أَحَظُّهَا لَهُ أَنْ يَأْذَنَ بِالتَّصَرُّفِ أَذِنَ وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَاسِمَ وَإِنْ كَانَ أَحَظُّهَا لَهُ أَنْ يُقِيمَ عَلَى الِاشْتِرَاكِ بِالْمَالِ مِنْ غَيْرِ قِسْمَةٍ وَلَا إِذْنٍ بِالتَّصَرُّفِ فَعَلَ فَإِنْ عَدَلَ عَنِ الْأَحَظِّ إِلَى مَا لَيْسَ فِيهِ حَظٌّ كَانَ فِعْلُهُ مَرْدُودًا.
فَأَمَّا إِنْ كَانَ عَلَى الْمُتَوَفَّى دَيْنٌ فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ الرَّشِيدِ وَلَا لِوَلِيِّ مَنْ لَيْسَ بِرَشِيدٍ أَنْ يَأْذَنَ لِلشَّرِيكِ بِالتَّصَرُّفِ فِي الشَّرِكَةِ إِلَّا بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ كُلِّهِ سَوَاءٌ كَانَ فِيمَا سِوَى الشَّرِكَةِ وَفَّى بِالدَّيْنِ أَمْ لَا لِأَنَّ الدَّيْنَ مُتَعَلِّقٌ بِجَمِيعِ التَّرِكَةِ وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا إِلَّا بَعْدَ قَضَاءِ جَمِيعِ الدَّيْنِ وَإِنْ كَانَ الْمُتَوَفَّى قَدْ وَصَّى بِوَصِيَّةٍ فِي تَرِكَتِهِ فَإِنْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ مُعَيَّنَةً فِي شَيْءٍ مِنَ التَّرِكَةِ غَيْرِ الدَّيْنِ جَازَ لِلْوَارِثِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي التَّرِكَةِ وَيَأْذَنَ لِلشَّرِيكِ بِالتَّصَرُّفِ فِيهَا قَبْلَ وُصُولِ الْوَصِيَّةِ إِلَى أَرْبَابِهَا لِأَنَّ الْعَيْنَ الْمُوصَى بِهَا إِنْ بَقِيَتْ فَهِيَ الْمُسْتَحَقَّةُ فِي الْوَصِيَّةِ وَإِنْ تَلِفَتْ فَالْوَصِيَّةُ قَدْ بَطَلَتْ بِخِلَافِ الدَّيْنِ الَّذِي لَوْ بَقِيَ يَسِيرٌ مِنَ التَّرِكَةِ صُرِفَ فِيهِ وَإِنْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ بِجُزْءٍ شَائِعٍ فِي جَمِيعِ التَّرِكَةِ، فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ الْمُوصَى لَهُ مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا صَارَ بِقَبُولِ الْوَصِيَّةِ شَرِيكًا فِي مَالِ الشَّرِكَةِ وَكَانَ لَهُ وَلِلْوَارِثِ الْخِيَارُ فِي الْمُقَاسَمَةِ أَوِ الْمُقَامِ عَلَى الشَّرِكَةِ. وَإِنْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَعَلَى الْوَارِثِ مُقَاسَمَةُ الشَّرِيكِ لِيُوصِلَ حِصَّةَ الشَّرِيكِ إِلَى مَنْ تَتَنَاوَلُهُمُ الْوَصِيَّةُ.
وَلَوْ جُنَّ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ بَطَلَتِ الشَّرِكَةُ وفعل الولي أَحَظَّ الْأُمُورِ لَهُ مِنَ الْقِسْمَةِ أَوِ الْمَقَامِ عَلَى الشَّرِكَةِ لِأَنَّ الْعُقُودَ الْجَائِزَةَ تَبْطُلُ بِالْحَجْرِ فَأَمَّا الْإِغْمَاءُ فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَمْ يَسْقُطْ مَعَهُ فَرْضُ عِبَادَةٍ كَانْتِ الشَّرِكَةُ عَلَى حَالِهَا لِأَنَّهُ فَرْضٌ قَدْ يَطْرَأُ كَثِيرًا وَإِنْ كَثُرَ الْإِغْمَاءُ حَتَّى أَسْقَطَ فَرْضَ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ ورد وقتها بطلت الشركة.
[(مسألة)]
قال المزني رضي الله عنه: " وَلَوِ اشْتَرَيَا عَبْدًا وَقَبَضَاهُ فَأَصَابَا بِهِ عَيْبًا فأراد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute