للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ أَقَرَّ بِعِتْقِ عَبْدٍ قَبْلَ بَيْعِهِ قُبِلَ مِنْهُ وَلَوْ أَقَرَّ بِعِتْقِهِ بَعْدَ بَيْعِهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ، لِأَنَّهُ يَمْلِكُ عِتْقَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ وَلَا يَمْلِكُ عِتْقَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ.

وَهَذَا أَصْلٌ مُسْتَمِرٌّ.

وَإِذَا كَانَ هَكَذَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي الْحُكْمِ بَعْدَ الْعَزْلِ فَإِنْ شَهِدَ بِهِ شَاهِدَانِ لَزِمَ بِالشَّهَادَةِ.

فَأَمَّا إِنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي شَاهِدًا فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ لِيَشْهَدَ بِهِ مَعَ غَيْرِهِ انْقَسَمَ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَشْهَدَ بِإِقْرَارِ مُقِرٍّ عِنْدَهُ، فَهَذَا جَائِزٌ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ بِإِقْرَارٍ، وَلَيْسَتْ بِحُكْمٍ وَلَا يَحْتَاجُ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ إِلَى اسْتِرْعَاءٍ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ اسْتِرْعَاءٌ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَشْهَدَ بحُكْمٍ أَمْضَاهُ عَلَيْهِ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا فِيهِ لِأَنَّهُ يَشْهَدُ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ.

وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا فِيهِ وَإِنْ كَانَ شَهَادَةً عَلَى فِعْلِهِ كَمَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُرْضِعَةِ عَلَى الرَّضَاعِ.

وَهَذَا جَمْعٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الرَّضَاعَ مِنْ فِعْلِ الْوَلَدِ فَجَازَتْ شَهَادَتُهَا فِيهِ وَالْحُكْمُ مِنْ فِعْلِهِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا فِيهِ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَشْهَدَ بِأَنَّ حَاكِمًّا حَكَمَ عَلَيْهِ بِكَذَا وَيُرْسِلَ ذِكْرَ الْحَاكِمِ بِهِ فَلَا يُعْزِيهِ إِلَى نَفْسِهِ وَلَا إِلَى غَيْرِهِ فَفِي قَبُولِ شَهَادَتِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا تُقْبَلُ حَتَّى يُعْزِيَهُ إِلَى غَيْرِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْحَاكِمُ بِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَقْبَلُ مَا لَمْ يعْزِه إِلَى نَفْسِهِ تَغْلِيبًا لِصِحَّةِ الشَّهَادَةِ.

( [مَنْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ له القاضي] )

[(مسألة)]

: قال الشافعي: " وَكُلُّ مَا حَكَمَ بِهِ لِنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَمَنْ لَا تَجُوزُ لَهُ شَهَادَتُهُ رُدَّ حُكْمُهُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا حُكْمُهُ لِنَفْسِهِ فَمَرْدُودٌ كَمَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِ لَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ.

وَأَمَّا حُكْمُهُ عَلَى نَفْسِهِ فَمَقْبُولٌ.

وَهَلْ يَكُونُ إِقْرَارًا أَوْ حُكْمًا؟ فِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَكُونُ إِقْرَارًا، فَعَلَى هَذَا يَصِحُّ فِي كُلِّ مَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِهِ وَيُرَدُّ فِيمَا لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>