للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْجَزَاءَ كُلَّهُ عَلَى الْقَاتِلِ؛ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ، فَأَمَّا إِنْ حَلَّ مِنْ إِحْرَامِهِ وَالصَّيْدُ فِي يَدِهِ، فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ عَلَيْهِ إِرْسَالُهُ، فَإِنْ قَتَلَهُ بَعْدَ إِحْلَالِهِ فَمَنْصُوصُ الشَّافِعِيِّ: أَنَّ عَلَيْهِ الْجَزَاءَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ ضَامِنًا لَهُ بِالْيَدِ.

وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا: أَنَّهُ لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُحِلٌّ قَاتِلٌ لِصَيْدٍ فِي الْحِلِّ، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُرْسِلَهُ لَوْ لَمْ يَقْتُلْهُ، وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لَأَنَّ الْجَزَاءَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ بِفِعْلِهِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ بِيَدِهِ.

فَصْلٌ

: إِذَا وَهَبَ الْمُحِلُّ صَيْدًا لِمُحْرِمٍ أَوْ بَاعَهُ عَلَى مُحْرِمٍ لَمْ يَجُزْ وَكَانَ الصَّيْدُ بَاقِيًا عَلَى مَلِكِ الْمُحِلِّ؛ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ لَا يَصِحُّ أَنْ يَتَمَلَّكَ فِي إِحْرَامِهِ صَيْدًا، فَإِنْ لَمْ يَجْعَلِ الْمُحْرِمُ عَلَى الصَّيْدِ يَدًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، فَإِنْ صَارَتْ يَدُهُ عَلَيْهِ بِأَنْ قَبَضَهُ بِالْهِبَةِ أَوْ بِالْبَيْعِ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ بِالْجَزَاءِ لِلْفُقَرَاءِ وَبِالْقِيمَةِ لِلْمَالِكِ إِنْ كَانَ مَقْبُوضًا عَنْ بَيْعٍ؛ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ عَنْ بَيْعٍ فَاسِدٍ مَضْمُونٌ، وَإِنْ كَانَ مَقْبُوضًا عَنْ هِبَةٍ فَفِي ضَمَانِ قِيمَتِهِ لِمَالِكِهِ وَجْهَانِ مُخَرَّجَانِ مِنَ اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي الْهِبَةِ: هَلْ يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِمَا الْمُكَافَأَةَ أَمْ لَا؟ :

أَحَدُهُمَا: عَلَيْهِ ضَمَانُ قِيمَتِهِ إِذَا قِيلَ إِنَّ الْمُكَافَأَةَ مُسْتَحَقَّةٌ.

وَالثَّانِي: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إِذَا قِيلَ إِنَّ الْمُكَافَأَةَ غَيْرُ مُسْتَحَقَّةٍ، فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ ضَامِنٌ لَهُ بِالْجَزَاءِ لِلْفُقَرَاءِ وَبِالْقِيمَةِ لِلْمَالِكِ عَلَى مَا بَيَّنَّا، فَلَا يَخْلُو حَالُهُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَمُوتَ فِي يَدِهِ بِسَبَبٍ أَوْ غَيْرِ سَبَبٍ فَقَدِ اسْتَقَرَّ الضَّمَانُ فَيَلْزَمُهُ ضَمَانُ الْجَزَاءِ لِلْفُقَرَاءِ، أَوْ ضَمَانُ الْقِيمَةِ لِلْمَالِكِ عَلَى مَا وَصَفْنَا.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى مَالِكِهِ فَيَسْقُطَ عَنْهُ ضَمَانُ قِيمَتِهِ لِلْمَالِكِ وَيَبْقَى عَلَيْهِ ضَمَانُ الْجَزَاءِ لِلْفُقَرَاءِ؛ لِأَنَّ الصَّيْدَ إِذَا ضُمِنَ بِالْجَزَاءِ لَمْ يَسْقُطْ ضَمَانُهُ إِلَّا بِإِرْسَالٍ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يُرْسِلَهُ فَيَسْقُطَ عَنْهُ ضَمَانُ الْجَزَاءِ وَيَبْقَى عَلَيْهِ ضَمَانُ قِيمَتِهِ لِلْمَالِكِ عَلَى مَا وَصَفْنَا.

وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ بَاقِيًا فِي يَدِهِ حَتَّى يَحِلَّ مِنْ إِحْرَامِهِ، فَضَمَانُ قِيمَتِهِ لِلْمَالِكِ بَاقٍ عَلَيْهِ، فَأَمَّا ضَمَانُ الْجَزَاءِ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَيْهِ.

وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ: أَنَّهُ قَدْ سَقَطَ ضَمَانُ الْجَزَاءِ عَنْهُ.

فَصْلٌ

: إِذَا مَلَكَ الْمُحِلُّ صَيْدًا ثُمَّ مَاتَ وَوَارِثُهُ مُحْرِمٌ فَلَا حَقَّ لِغَيْرِ الْوَارِثِ فِي الصَّيْدِ، وَلَكِنْ هَلْ يَمْلِكُهُ الْوَارِثُ فِي حَالِ إِحْرَامِهِ أَوْ بَعْدَ إِحْلَالِهِ؟ عَلَى وجهين:

أحدهما: أنه يكون باقياً على ملك المبيت وَلَا يَنْتَقِلُ إِلَى مِلْكِ الْوَارِثِ إِلَّا بَعْدَ إِحْلَالِهِ؛ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ لَا يَصِحُّ مِنْهُ أَنْ يَبْتَدِئَ مِلْكَ صَيْدٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>