الشَّافِعِيُّ: وَيُزَكِّي عَمَّنْ كَانَ مَرْهُونًا، أَوْ مَغْصُوبًا وَرُوِيَ مَغْصُوبًا يَعْنِي زَمِنًا وَأَيُّهُمَا كَانَ فَزَكَاةُ فِطْرِهِ وَاجِبَةٌ، لِأَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمِلْكِ دُونَ التَّصَرُّفِ.
فَصْلٌ
: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَيُؤَدِّي عَنْ رَقِيقِ رَقِيقِهِ، لأنها رَقِيقُهُ وَهَذَا عَلَى قَوْلِهِ فِي الْجَدِيدِ حَيْثُ قَالَ الْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ إِذَا مُلِكَ فَإِذَا مَلَكَ عَبْدُهُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ عَبِيدًا فَعَلَى السَّيِّدِ زَكَاتُهُ وَزَكَاةُ عَبِيدِهِ لِأَنَّهُمْ عَبِيدُهُ، فَأَمَّا عَلَى الْقَدِيمِ حَيْثُ قَالَ الْعَبْدُ يَمْلِكُ إِذَا مُلِكَ فَفِي زَكَاةِ فِطْرِهِمْ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: وهو أظهر أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ السَّيِّدُ زَكَاةَ فِطْرِهِمْ لِأَنَّهُمْ عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ وَلَا يَلْزَمُ الْعَبْدُ الْمَالِكُ لَهُمْ زَكَاةَ فِطْرِهِمْ لِأَجْلِ رِقِّهِ، وَنَقْصِ مِلْكِهِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ عَلَى السَّيِّدِ زَكَاةَ فِطْرِهِمْ لِأَنَّ لَهُ انْتِزَاعَهُمْ مِنْ يَدِ عَبْدِهِ فَجَرَى عَلَيْهِمْ حُكْمُ مِلْكِهِ.
فَصْلٌ
: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَرَقِيقُ الْخِدْمَةِ وَرَقِيقُ التِّجَارَةِ سَوَاءٌ، وَهَذَا قَالَهُ رَدًّا عَلَى أبي حنيفة، حَيْثُ قَالَ فِيمَنْ مَلَكَ عبيد للتجارة أنه لا يجب عليه زكاة فطرهم لأن لا يَجْتَمِعَ زَكَاتَانِ فِي مَالٍ وَاحِدٍ وَعِنْدَنَا عَلَيْهِ زَكَاةُ فِطْرِهِمْ، وَزَكَاةُ التِّجَارَةِ عَنْ قِيمَتِهِمْ وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ، فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي بَابِ زكاة التجارة.
[مسألة:]
قال الشافعي رضي الله عنه: " وإن كان فيمن يَمُونُ كافرٌ لَمْ يُزَكِّ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَا يطهر بالزكاة إلا مسلم قال محمد وابن عاصم قال سمعت المعضوب الذي لا منفعة فيه ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْكَافِرَ لَا تَلْزَمُهُ زَكَاةُ الْفِطْرِ وَدَلِيلُنَا عَلَيْهِ وَهُوَ إِجْمَاعٌ فَأَمَّا الْمُسْلِمُ إِذَا لَزِمَتْهُ مُؤْنَةُ كَافِرٍ مِنْ ولد أو والداً وزوجة أبو عَبْدٍ فَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُمْ دُونَ زَكَاةِ فِطْرِهِمْ.
وَقَالَ أبو حنيفة: إِذَا مَلَكَ الْمُسْلِمُ عَبْدًا كَافِرًا لَزِمَتْهُ زَكَاةُ فِطْرِهِ احْتِجَاجًا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (أدوا زكاة الفطر بمن تَمُونُونَ) وَلَمْ يُفَصِّلْ وَلِأَنَّهُ مِلْكٌ لِمُسْلِمٍ فَجَازَ أَنْ تَلْزَمَهُ زَكَاةُ فِطْرِهِ كَالْعَبْدِ الْمُسْلِمِ، وَلِأَنَّ اعْتِبَارَ حَالَ السَّيِّدِ الدَّافِعِ أَوْلَى مِنَ اعْتِبَارِ حَالِ الْعَبْدِ الْمَدْفُوعِ عَنْهُ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ دُونَ الْعَبْدِ فَكَانَ اعْتِبَارُ من وجب عَلَيْهِ أَوْلَى.
وَالثَّانِي: أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ تَجِبُ بِشَرْطَيْنِ الْإِسْلَامِ وَالْمَالِ، فَلَمَّا كَانَ أَحَدُ الشَّرْطَيْنِ وَهُوَ الْمَالُ مُعْتَبَرًا بِالسَّيِّدِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ الثَّانِي وَهُوَ الْإِسْلَامُ مُعْتَبَرًا بِالسَّيِّدِ، وَإِذَا كَانَ اعْتِبَارُ حَالِ السَّيِّدِ أَوْلَى لَزِمَتْهُ فِطْرَةُ عَبْدِهِ إِذَا كَانَ مُسْلِمًا وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ كَافِرًا كَمَا يَلْزَمُهُ فِطْرَةُ عَبْدِهِ إِذَا كَانَ مُوسِرًا، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مُعْسِرًا وَالدَّلَالَةُ عَلَى مَا قُلْنَاهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (فَرَضَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ إِلَى أَنْ قَالَ عَلَى كُلِّ حُرٍّ وعبدٍ ذكرٍ وَأُنْثَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ) فقيده بالإسلام.