للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَاءَ صَوْمَهُ وَهَذَا فَاسِدٌ بِالْعِتْقِ، فَأَمَّا إِذَا أَطْلَقَ النِّيَّةَ ثُمَّ شَكَّ هَلْ أَوْقَعَهَا قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ؟ لَمْ يُجْزِهِ وَعَلَيْهِ إِعَادَةُ صَوْمِهِ لِأَنَّا عَلَى يَقِينٍ مِنْ حُدُوثِ نِيَّةٍ وَفِي شَكٍّ مِنْ تقدمها.

[فصل]

: إذا أصح نَاوِيًا ثُمَّ اعْتَقَدَ تَرْكَ صَوْمِهِ، وَفَطِرَ يَوْمَهُ بِأَكْلٍ أَوْ جِمَاعٍ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ عَلَى صَوْمِهِ مَا لَمْ يَأْكُلْ أَوْ يُجَامِعْ لِأَنَّ الصَّوْمَ إِمْسَاكٌ طَرَأَ عَلَى نِيَّةٍ سَابِقَةٍ، فلما لما يُفَارِقِ الْإِمْسَاكَ فَهُوَ عَلَى صَوْمِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ صَوْمَهُ قَدْ بَطَلَ كَمَا تُبْطُلُ صَلَاتُهُ، إِذَا اعْتَقَدَ تَرْكَهَا، وَالْخُرُوجَ مِنْهَا، فَعَلَى هَذَا فِي زَمَانِ فِطْرِهِ، وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: فِي الْحَالِ.

وَالثَّانِي: حَتَّى يَمْضِيَ عَلَيْهِ مِنَ الزَّمَانِ قَدْرُ الْأَكْلِ وَالْجِمَاعِ، فَأَمَّا إِذَا نَوَى أَنْ يُفْطِرَ بَعْدَ سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ مُفْطِرًا، وَكَانَ عَلَى صَوْمِهِ وَلَوْ نَوَى أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُصَلٍّ بعد ساعة احتمل وجهين.

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " فأما فِي التَطَوُّعِ فَلَا بَأْسَ إِنْ أَصْبَحَ وَلَمْ يَطْعَمْ شَيْئًا أَنْ يَنْوِيَ الصَّوْمَ قَبْلَ الزَّوَالِ واحتج في ذَلِكَ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كان يدخل على أزواجه فيقول " هل من غداءٍ؟ " فإن قالوا لا قال " إني صائمٌ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ:

لَا بَأْسَ أن ينوي لصوم التطوع نهارا قبل الزوال، وَبِهِ قَالَ أبو حنيفة وَقَالَ مَالِكٌ وَدَاوُدُ التَّطَوُّعُ كَالْفَرْضِ فِي وُجُوبِ النِّيَّةِ تَعَلُّقًا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُجْمِعِ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ " قَالُوا: وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَتَنَوَّعُ فَرْضًا وَنَفْلًا فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ النِّيَّةِ فِي نَفْلِهَا، كَمَحَلِّ النِّيَّةِ فِي فَرْضِهَا أَصْلُهُ الصَّلَاةُ وَدَلِيلُنَا فِي ذَلِكَ حَدِيثُ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنفَذَ إِلَى أَهْلِ الْعَوَالِي فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ مَنْ أَكَلَ فَلْيُمْسِكْ بَقِيَّةَ نَهَارِهِ وَمَنْ لَمْ يأكل فليقم " وَمَعْلُومٌ أَنَّ عَاشُورَاءَ كَانَ نَافِلَةً، وَأَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِصَوْمِهِ نَهَارًا.

رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ " كَانَ يَدْخُلُ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَيَقُولُ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ غَدَاءٍ فَإِنْ قُلْنَا: لَا قَالَ: إِنِّي صَائِمٌ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>