وَالثَّانِي: بِرَكْعَةٍ.
وَالثَّالِثُ: بِرَكْعَةٍ وَطَهَارَةٍ.
وَالرَّابِعُ: فِيهِ وَجْهَانِ: عَلَى قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ هُوَ خَمْسُ رَكَعَاتٍ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ هُوَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ، وَكَذَا فِي إِدْرَاكِ الصُّبْحِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: بِالْإِحْرَامِ.
وَالثَّانِي: بِرَكْعَةٍ وَلَا يُدْرِكُ مَعَ الصُّبْحِ غَيْرَهَا، لِأَنَّ صَلَاةَ الصُّبْحِ لَا تُجْمَعُ إِلَى غَيْرِهَا.
(فَصْلٌ)
: فَإِذَا ثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا فَقَدْ يَصِيرُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مُدْرِكًا لِلظُّهْرِ بِإِدْرَاكِ شَيْءٍ مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ.
وَقَالَ أبو حنيفة: لَا يَصِيرُ مُدْرِكًا لِلظُّهْرِ إِلَّا بِإِدْرَاكِ شَيْءٍ مِنْ وَقْتِهَا اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ " فَجَعَلَ مَا تَعَلَّقَ بِالرَّكْعَةِ مِنَ الْحُكْمِ إِدْرَاكَ الْعَصْرِ دُونَ الظُّهْرِ، وَلِأَنَّهَا صَلَاةٌ لَمْ يُدْرِكْ شَيْئًا مِنْ وَقْتِهَا فَوَجَبَ أَنْ لَا يَلْزَمَ فَرْضَهَا، كَمَا لَوْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ لَمْ يُدْرِكِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَلِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَلْزَمْهُ الْعَصْرُ بِإِدْرَاكِ الظُّهْرِ وَإِنْ كَانَ وَقْتَاهُمَا فِي الْجَمْعِ وَاحِدًا لَمْ يَلْزَمْهُ الظُّهْرُ بِإِدْرَاكِ الْعَصْرِ، وَإِنْ كَانَ وَقْتَاهُمَا فِي الْجَمْعِ وَاحِدًا.
وَدَلِيلُنَا قَوْله تَعَالَى: {وَأَقِمِ الصلاة طرفي النهار} [الإسراء: ٧٨] وَالْمُرَادُ بِالطَّرَفِ الثَّانِي عَلَى مَا حَكَيْنَا عَنْ مُجَاهِدٍ صَلَاةُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَعَلَّقَهُمَا بِطَرَفِ النَّهَارِ، وَطَرَفُهُ آخِرُهُ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِإِدْرَاكِ شَيْءٍ مِنْ طَرَفِ النَّهَارِ، وَلِأَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ فِي [أَدَاءِ] الْمَعْذُورِينَ مِنَ الْمُسَافِرِينَ وَالْمَمْطُورِينَ وَقْتُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ أَدَاءً لَا قَضَاءً فَكَانَ إِدْرَاكُ الْعَصْرِ إِدْرَاكًا لَهُمَا لِاشْتِرَاكِ وَقْتِهِمَا، وَلَا يَدْخُلُ عَلَى هَذَا الِاسْتِدْلَالِ وَقْتُ الظُّهْرِ أَنَّهُ لا يدرك به صلاة العصر، لأنها وَإِنْ كَانَ وَقْتًا لِلْمُسَافِرِينَ مِنَ الْمَعْذُورِينَ فَلَيْسَ بِوَقْتٍ لِلْمَمْطُورِينَ، وَفِيهِ انْفِصَالٌ وَيَتَحَرَّرُ مِنَ اعْتِلَالِهِ قِيَاسَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ وَقْتٌ لَوْ أُخِّرَتْ صَلَاةُ الظُّهْرِ إِلَيْهِ كَانَتْ أَدَاءً فِيهِ فَوَجَبَ أَنْ تَصِيرَ لَازِمَةً بِهِ قِيَاسًا عَلَى وَقْتِ الظُّهْرِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهَا صَلَاةٌ يَجُوزُ تَأْخِيرُ أَدَائِهَا إِلَى وَقْتٍ فَوَجَبَ أَنْ يُلْزَمَ بِإِدْرَاكِ ذَلِكَ الْوَقْتِ كَالْعَصْرِ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِ بِالْخَبَرِ فَهُوَ أَنَّ إِثْبَاتَ الْعَصْرِ بِهِ لَا يُوجِبُ نَفْيَ الظُّهْرِ عَنْهُ، لِأَنَّ إِثْبَاتَ الشَّيْءِ يُوجِبُ نَفْيَ ضِدِّهِ، وَلَا يُوجِبُ نَفْيَ غَيْرِهِ.
وَأَمَّا قِيَاسُهُ عَلَى الصُّبْحِ فَالْمَعْنَى فِيهِ يُنَافِي وَقْتَهَا فِي العذر والضرورات.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute