للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ عَلَى مَسَافَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا فَلَا يَلْزَمُ انْتِظَارُ مَالِهِ لِبُعْدِهِ عَنْهُ وَأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُعْسِرِ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ عَلَى مَسَافَةٍ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَعَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَنْتَظِرُ بِهِ حُضُورَ مَالِهِ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَى مَسَافَةٍ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَيَحْجُرُ عَلَيْهِ فِي الْمَبِيعِ فِي مَالِهِ حَتَّى يُحْضِرَ الثَّمَنَ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَنْتَظِرُ بِهِ لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ وَأَنَّهُمَا فِي حُكْمِ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ. فَعَلَى هَذَا مَا الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ الْبَائِعُ إِذَا لَمْ يَنْتَظِرْ؟ فِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُجْعَلُ كَالْمُفْلِسِ وَيُخَيَّرُ الْبَائِعُ بَيْنَ أَنْ يَرْجِعَ بِعَيْنِ مَالِهِ. وَبَيْنَ أَنْ يَصْبِرَ بِالثَّمَنِ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي إِلَى حِينِ وُجُودِهِ، فَإِنْ صَبَرَ بِهِ أُطْلِقَ تصرف الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ وَغَيْرِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ حُكْمَ الْمُفْلِسِ مَنْفِيٌّ عَنْهُ لِوُجُودِ الْمَالِ وَإِنْ بعد منه، ولكن تُبَاعُ السِّلْعَةُ الْمَبِيعَةُ لِيَصِلَ الْبَائِعُ إِلَى حَقِّهِ مِنْهَا فَإِنْ بِيعَتْ بِقَدْرِ مَا لِلْبَائِعِ مِنَ الثَّمَنِ دُفِعَ إِلَيْهِ ذَلِكَ وَقَدِ اسْتَوْفَى حَقَّهُ. وَإِنْ بِيعَتْ بِأَكْثَرَ رُدَّ الْفَاضِلُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ بِيعَتْ بِأَقَلَّ كَانَ الْبَاقِي دَيْنًا لِلْبَائِعِ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي.

فَصْلٌ:

إِذَا كَانَ الْمَبِيعُ عَرَضًا بِعَرَضٍ وَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا أدفع حتى أقبضه ففيه أَرْبَعَةُ أَقَاوِيلَ:

أَحَدُهَا: أَنَّ الْحَاكِمَ يَأْمُرُهُمَا بِإِحْضَارِ ذَلِكَ إِلَى مَجْلِسِهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَدَعُهُمَا حَتَّى يَتَطَوَّعَ أَحَدُهُمَا فَيُجْبِرَ الْآخَرَ عَلَى تَسْلِيمِ مَا فِي مُقَابَلَتِهِ.

وَالثَّالِثُ: يُنَصِّبُ الْحَاكِمُ أَمِينًا يَدْفَعَانِ ذَلِكَ إِلَيْهِ حَتَّى يُسَلِّمَ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَقَّهُ.

فَأَمَّا الْقَوْلُ الرَّابِعُ: وَهُوَ أَنَّهُ يُجْبِرُ الْبَائِعَ أَوَّلًا ثُمَّ الْمُشْتَرِي فَلَا يَجِيءُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لِأَنَّهُ لَيْسَ يَتَعَيَّنُ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ بَائِعٌ وَالْآخَرُ بِأَنَّهُ مُشْتَرٍ. وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَرَضًا بِعَرَضٍ وَهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا مِمَّا لَا يُنْقَلُ فَلَيْسَ إِلَّا قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْحَاكِمَ يَدَعُهُمَا حَتَّى يَتَطَوَّعَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ يُجْبِرُ الْآخَرَ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُنَصِّبُ لَهُمَا أَمِينًا وَلَا يَجِيءُ الْقَوْلَانِ الْآخَرَانِ لِأَنَّ إِحْضَارَ ذَلِكَ إِلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَبَطَلَ هَذَا الْقَوْلُ. وَلَيْسَ يَتَعَيَّنُ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ بَائِعٌ فَيُجْبَرُ فَيَبْطُلُ أَيْضًا هَذَا الْقَوْلُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ:

فَإِذَا امْتَنَعَتِ الزَّوْجَةُ مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا إِلَّا بَعْدَ قَبْضِ صَدَاقِهَا وَامْتَنَعَ الزَّوْجُ مِنْ دَفْعِ الصَّدَاقِ إِلَّا بَعْدَ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا فَلَا يُحْكَمُ فِيهِ بِجَبْرِ الزَّوْجَةِ عَلَى تَسْلِيمِ نَفْسِهَا كَمَا يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى تَسْلِيمِ سِلْعَتِهِ لِأَنَّ الْبَائِعَ إِذَا سَلَّمَ سِلْعَتَهُ أَمْكَنَ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِيهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>