هَذَا الْحَاضِرُ وَيُشِيرُ إِلَيْهِ بِيَدِهِ فُلَانًا، فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِشَارَةِ دُونَ الِاسْمِ أَجَزَأَ لِأَنَّ الِاسْمَ مَعَ الْإِشَارَةِ تَأْكِيدٌ وَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى الِاسْمِ دُونَ الْإِشَارَةِ أَجَزَأَ ذَلِكَ فِي الْغَائِبِ إِذَا رَفَعَ نَسَبَهُ بِمَا يَتَمَيَّزُ بِهِ عَنْ جَمِيعِ النَّاسِ كُلِّهِمْ، لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَعْيِينِ الْغَائِبِ إِلَّا بِالِاسْمِ، وَفِي إِجْزَائِهِ فِي الْحَاضِرِ وَجْهَانِ مُحْتَمَلَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ أَنْ يَقْتَصِرَ فِيهِ عَلَى الِاسْمِ دُونَ الْإِشَارَةِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُجْزِئُهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الِاسْمِ حَتَّى يَضُمَّ إِلَيْهِ الْإِشَارَةَ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ أَنْفَى لِلِاحْتِمَالِ وَأَبْلَغُ مِنَ الْأَسْمَاءِ الَّتِي تَنْتَقِلُ وَيَقَعُ فِيهَا الِاشْتِرَاكُ، وَإِنْ جَازَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا مَعَ الْغَيْبَةِ وَتَرْكُ الْإِشَارَةِ مَعَ إِمْكَانِهَا يُحَدِثُ مِنَ الشُّبْهَةِ الْمُحْتَمَلَةِ مَا لَا تَحْدُثُ مَعَ الْغَيْبَةِ.
(فَصْلٌ)
وَأَمَّا الشَّرْطُ الثَّالِثُ - وَهُوَ تَعْيِينُ الْمَقْتُولِ، فَلِأَنَّ الدَّعْوَى فِيهِ وَاسْتِحْقَاقَ الْمُطَالَبَةِ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ بَاقِيًا حَاضِرًا عُيِّنَ بِالِاسْمِ وَالْإِشَارَةِ، فَيَقُولُ وَاللَّهِ لَقَدْ قَتَلَ فَلَانٌ هَذَا الْحَاضِرُ، فَلَانَ بْنَ فُلَانٍ هَذَا الْمَقْتُولَ فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى تَعْيِينِ الْمَقْتُولِ بِالْإِشَارَةِ دُونَ الِاسْمِ أَجْزَأَ وَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى تَعْيِينِهِ بِالِاسْمِ دُونَ الْإِشَارَةِ كَانَ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الْوَجْهَيْنِ الْمُحْتَمَلَيْنِ.
وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ غَيْرَ مَوْجُودٍ، جَازَ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى تَعْيِينِهِ بِالِاسْمِ وَحْدَهُ لَكِنْ عَلَيْهِ مَعَ هَذَا أَنْ يَرْفَعَ فِي نَسَبِهِ مَا لَا يَرْفَعُ فِيهِ مَعَ الْإِشَارَةِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ نَسَبَهُ وَصِفَتَهُ وَصِنَاعَتَهُ مَا يَتَمَيَّزُ بِهِ وَيَمْنَعُ مِنْ مُشَارَكَةِ غَيْرِهِ.
وَأَمَّا الشَّرْطُ الرَّابِعُ وَهُوَ ذِكْرُ انْفِرَادِهِ بِقَتْلِهِ أَوْ مُشَارَكَةِ غَيْرِهِ فَلِأَنَّ قَتْلَ الْمُنْفَرِدِ مُخَالِفٌ لِقَتْلِ الْمُشَارِكِ فِي الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانَ مُسَاوِيًا لَهُ فِي الْقَوَدِ وَإِنْ قَالَ: قَتَلَهُ وَحْدَهُ حَلَفَ بِاللَّهِ لَقَدْ قَتَلَهُ وَحْدَهُ مُنْفَرِدًا بِقَتْلِهِ مَا شَارَكَهُ فِي قَتْلِهِ غَيْرُهُ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي قَوْلِ مَا شَارَكَهُ فِيهِ غَيْرُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ مُنْفَرِدًا بِقَتْلِهِ هَلْ هُوَ تَأْكِيدٌ أَوْ شَرْطٌ وَاجِبٌ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ تَأْكِيدٌ فَإِنْ تَرَكَهُ فِي الْيَمِينِ أَجْزَأَ، لِأَنَّ انْفِرَادَهُ بِهِ يَمْنَعُ مِنْ مُشَارَكَةِ غَيْرِهِ فِيهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إِنَّهُ شَرْطٌ وَاجِبٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْفَرِدُ بِقَتْلِهِ وَيَكُونُ مِنْ غَيْرِهِ إِكْرَاهٌ يَلْزَمُهُ بِهِ حُكْمُ الْقَتْلِ.
فَيَصِيرُ مُنْفَرِدًا فِي الْفِعْلِ ومشاركاً في الحكم، فلم يكفي مِنْهُ أَنْ يَقُولَ مُنْفَرِدًا بِقَتْلِهِ حَتَّى يَقُولَ: مَا شَارَكَهُ فِيهِ غَيْرُهُ لِيَنْفِيَ بِذَلِكَ أَنْ يَتَعَلَّقَ حُكْمُ الْقَتْلِ عَلَى مُكْرَهٍ غَيْرِ قَاتِلٍ، وَإِنِ ادَّعَى أَنَّهُ شَارَكَهُ غَيْرُهُ فِي الْقَتْلِ ذَكَرَ عَدَدَ الشُّرَكَاءِ، فَإِنْ قَالَ قَتَلَهُ هَذَا وَآخَرُ فَإِنْ حَضَرَ الْآخَرُ أَقْسَمَ عَلَيْهِمَا وَقَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ قَتَلَهُ فُلَانٌ وَفُلَانٌ هَذَانِ مُنْفَرِدَيْنِ بقتله ما
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute