وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ تَدْفَعَ إِلَيْهِ أَقَلَّ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ نُقْصَانُهَا فِي الْعَدَدِ دُونَ الْوَزْنِ كَأَنَّهَا دَفَعَتْ إِلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَازِنَةً عَدَدُهَا أَقَلُّ مِنْ أَلْفٍ، فَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِإِطْلَاقِ الدَّرَاهِمِ يَتَنَاوَلُ الْوَازِنَةَ دُونَ الْمَعْدُودَةِ شَرْعًا كَالزَّكَاةِ، وَعُرْفًا كَالْبَيْعِ، فَصَارَتِ الصِّفَةُ مَوْجُودَةً بِكَمَالِ الْوَزْنِ مَعَ نُقْصَانِ الْعَدَدِ فَلِذَلِكَ وَقَعَ الطَّلَاقُ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ نَاقِصَةَ الْوَزْنِ كَامِلَةَ الْعَدَدِ، فَلَا طَلَاقَ، لِأَنَّ الصِّفَةَ لَمْ تَكْمُلْ شَرْعًا وَلَا عُرْفًا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي بَلَدٍ جَرَتْ عَادَةُ أَهْلِهِ أَنْ يَتَعَامَلُوا فِيهِ بِالدَّرَاهِمِ عَدَدًا لَا وَزْنًا، فَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِكَمَالِ العدد مع نقصان الوزن تغلبياً لِلْعُرْفِ دُونَ الشَّرْعِ، وَلَا تُطَلَّقُ مَعَ هَذَا الْعُرْفِ بِنُقْصَانِ الْعَدَدِ مَعَ كَمَالِ الْوَزْنِ.
(مَسْأَلَةٌ:)
قال الشافعي: (وَلَوْ أَعْطَتْهُ إِيَّاهَا رَدِيئَةً فَإِنْ كَانَتْ فِضَّةً يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ دَرَاهِمَ طُلِّقَتْ وَكَانَ عَلَيْهَا بَدَلُهَا فَإِنْ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا اسْمُ دَرَاهِمَ لَمْ تُطَلَّقْ) . قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ إِذَا قَالَ لَهَا: إِنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يُعَيِّنَ تِلْكَ الْأَلْفَ فَيَقُولُ: إِنْ أَعْطَيْتِنِي هَذِهِ الْأَلْفَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إِلَّا بِدَفْعِهَا، فَإِنْ أَعْطَتْهُ غَيْرَهَا لَمْ تُطَلَّقْ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَهَا أَوْ أَجْوَدَ مِنْهَا لِعَدَمِ الشَّرْطِ فِي دفع غيرها.
والضرب الثاني: أن لا يُعَيِّنَ الْأَلْفَ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا أَنْ يصف الألف.
والثاني: أن لا يَصِفَهَا.
فَإِنْ وَصَفَهَا كَانَ دَفْعُهَا عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ شَرْطًا فِي وُقُوعِ طَلَاقِهَا، وَإِنْ دَفَعَتْهَا عَلَى غَيْرِ تِلْكَ الصِّفَةِ سَوَاءٌ كَانَ مَا دَفَعَتْهُ مِنْ غَالِبِ دَرَاهِمِ الْبَلَدِ، أَوْ مِنْ غَيْرِهَا إِذَا لَمْ تُوجَدْ تِلْكَ الصِّفَةُ فِيهَا ثُمَّ إِذَا دَفَعَتْهَا عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ مَلَكَهَا.
والضرب الثاني: أن لا يَصِفَ الْأَلْفَ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ لِلْبَلَدِ نَقْدٌ غَالِبٌ مِنَ الدَّرَاهِمِ فَهَلْ يَصِيرُ نَقْدُ الْبَلَدِ كَالصِّفَةِ الْمَشْرُوطَةِ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِهَا أَوْ لَا عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَصِيرُ كَالصِّفَةِ الْمَشْرُوطَةِ فَإِنْ دَفَعَتْ إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ لَمْ تُطَلَّقْ وَإِنْ كَانَ اسْمُ الدَّرَاهِمِ عَلَيْهَا مُنْطَلِقًا، لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ نَقْدُ الْبَلَدِ كَالصِّفَةِ الْمَشْرُوطَةِ فِي