للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَذْلِهِ بَاقِيًا لَمْ يُسْتَرْجَعْ مِنْهُ؟ لِمَا فِي اسْتِرْجَاعِهِ مِنْ عَوْدِ الضَّرَرِ، وَإِنْ زَالَ سَبَبُ بَذْلِهِ اسْتُرْجِعَ مِنْهُ وَأُعِيدَ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ، وَلَمْ يُعْتَرَضْ عَلَيْهِ فِي غَيْرِهِ مِنْ أَمْوَالِهِ لِأَمَانِهِ.

[(مسألة)]

: قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَإِنْ صَالَحَهُمُ الْإِمَامُ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ فالطاعة نفضه كَمَا صَنَعَ النَبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في النساء وقد أعطى المشركين فيهن ما أعطاهم في الرجال ولم يستثن فجاءته أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ مسلمة مهاجرة فجاء أخواها يطلبانها فمنعها منهما وأخبر أن الله منع الصلح في النساء وحكم فيهن غير حكمه في الرجال وبهذا قلنا لو أعطى الإمام قوما من المشركين الأمان على أسير في أيديهم من المسلمين أو مال ثم جاؤوه لم يحل له إلا نزعه منهم بلا عوض وإن ذهب ذاهب إلى أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رد أبا جندل بن سهيل إلى أبيه وعياش بن أبي ربيعة إلى أهله قيل أهلوهم أشفق الناس عليهم وأحرصهم على سلامتهم ولعلهم يقونهم بأنفسهم مما يؤذيهم فضلا عن أن يكونوا متهمين على أن ينالوا بتلف أو عذاب وإنما نقموا منهم دينهم فكانوا يشددون عليهم بترك دينهم كرها وقد وضع الله المأثم في إكراههم أو لا ترى أن النساء إذا أريد بهن الفتنة ضعفن ولم يفهمن فهم الرجال وكان التقية تسعهن وكان فيهن أن يصيبهن أزواجهن وهن حرام عليهن قال وإن جاءتنا امرأة مهادنة أو مسلمة من دار الحرب إلى موضع الإمام فجاء سوى زوجها في طلبها منع منها بلا عوض، وإن جاء زوجها ففيها قولان: أحدهما: يعطى ما أنفق وهو ما دفع إليها من المهر، والآخر لا يعطى وقال في آخر الجواب واشبههما أن لا يعطوا عوضا (قال المزني) هذا أشبه بالحق عندي ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَعْقِدَ الْهُدْنَةَ عَلَى شُرُوطٍ مَحْظُورَةٍ قَدْ مَنَعَ الشَّرْعُ مِنْهَا.

فَمِنْهَا: أَنْ يُهَادِنَهُمْ عَلَى مَالٍ يَحْمِلُهُ إِلَيْهِمْ، فَهُوَ مَحْظُورٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ.

وَمِنْهَا: أَنْ يُهَادِنَهُمْ عَلَى خَرَاجٍ يَضْرِبُونَهُ عَلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ.

وَمِنْهَا: أَنْ يُهَادِنَهُمْ عَلَى رَدِّ مَا غَنِمَ مِنْ سَبْيِ ذَرَارِيهِمْ؛ لِأَنَّهَا أَمْوَالٌ مَغْنُومَةٌ.

فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَبْيَ هَوَازِنَ عَلَيْهِمْ.

قِيلَ: إِنَّمَا رَدَّهُمْ عَلَيْهِمْ بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ تَفَضُّلًا عَلَيْهِمْ، فَخَالَفَ الْتِزَامَهُ لِلْمُشْرِكِينَ عَنْ عَقْدٍ.

وَمِنْهَا أَنْ يُهَادِنَهُمْ عَلَى دُخُولِ الْحَرَمِ أَوِ اسْتِيطَانِ الْحِجَازِ، فَلَا يَجُوزُ

<<  <  ج: ص:  >  >>