للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْوَارِدُ بِالْفَرْقِ بَيْنَ حَالَيْهِمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سبيلٍ حتى تغتسلوا} [النساء: ٤٣] وقال تعالى: {وإن أحداً مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} [التوبة: ٦] فَفَرَّقَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بَيْنَهُمَا فَلَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا

وَالثَّانِي: أَنَّ مَعْنَى الْمُشْرِكِ الَّذِي هُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ أَجْلِهِ يُرْجَى زَوَالُهُ بِدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَمُقَامِهِ فِيهِ إِذَا سَمِعَ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى وَظُهُورَ حُجَّتِهِ فَرُبَّمَا أَسْلَمَ مِنْ شِرْكِهِ وَلَا يُرْجَى لِمُقَامِ الْجُنُبِ فِيهِ زَوَالُ جَنَابَتِهِ وَارْتِفَاعُ حَدَثِهِ إِلَّا بِالْغُسْلِ والمساجد لم تبن للغسل، وإنما بنت لِذِكْرِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَالصَّلَاةِ

(الْقَوْلُ فِي الصَّلَاةِ فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ وَمُرَاحِ الْغَنَمِ)

(مَسْأَلَةٌ)

: قَالَ الشافعي رضي الله عنه: " وَالنَّهْيُ عَنِ الصَّلَاةِ فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ اخْتِيَارٌ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " فإنها جنٌّ من جنٍّ خلقت " وكما قال حين ناموا عن الصلاة " أخرجوا بنا من هذا الوادي فإن به شيطاناً " فكره قربه لا لنجاسة الإبل لا موضعاً فيه شيطانٌ وقد مر بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شيطانٌ فخنقه ولم تفسد عليه صلاته ومراح الغنم الذي تجوز فيه الصلاة الذي لا بول فيه ولا بعر والعطن موضع قرب البئر الذي يتنحى إليه الإبل ليرد غيرها الماء لا المراح الذي تبيت فيه "

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ

ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ وَأَبَاحَ الصَّلَاةَ فِي مَرَاحِ الْغَنَمِ فَأَمَّا الْعَطَنُ، فَهُوَ: مَوْضِعٌ يَكُونُ قَرِيبَ الْبِئْرِ تَنَحَّى إِلَيْهِ الْإِبِلُ إِذَا صَدَرَتْ مِنَ الْمَاءِ لِتَرِدَ غَيْرُهَا وَأَمَّا مَرَاحُ الْغَنَمِ فَهُوَ: مَوْضِعٌ عَالٍ يَقْرُبُ مِنَ الْغَنَمِ يَأْوِي إِلَيْهِ الرَّاعِي لِحِرَاسَتِهَا وَمَنَعَ الْوَحْشَ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ الْعَطَنُ وَالْمُرَاحُ قَدْ نَجِسَا بِالْبَوْلِ وَالْبَعْرِ فَالصَّلَاةُ فِيهَا بَاطِلَةٌ، وَإِنْ كَانَا طَاهِرَيْنِ فَالصَّلَاةُ جَائِزَةٌ غَيْرَ أَنَّهَا فِي الْعَطَنِ مَكْرُوهَةٌ، وَفِي الْمُرَاحِ مُبَاحَةٌ

وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغَفَّلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: إِذَا أَدْرَكْتُمُ الصَّلَاةَ فِي مَرَاحِ الْغَنَمِ فصلوها فَإِنَّهَا سكينةٌ وبركةٌ، وَإِذَا أَدْرَكْتُمُ الصَّلَاةَ فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ فَاخْرُجُوا ثُمَّ صَلُّوا فَإِنَّهَا جنٌّ مِنْ جنٍّ خُلِقَتْ أَلَا تَرَوْنَهَا كَيْفَ تَشْمَخُ بِأَنْفِهَا إِذَا نَفَرَتْ "

<<  <  ج: ص:  >  >>