[التحريم: ٦] . وَرَوَى عُمَرُ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَده أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مُرُوهم بِالطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ لِسَبْعٍ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ "، وَلِأَنَّ فِي تَعْلِيمِهِمْ ذَلِكَ قَبْلَ بُلُوغِهِمْ إِلْفًا لَهَا وَاعْتِيَادًا لفِعلها، وَفِي إِهْمَالِهِمْ وَتَرْكِ تَعْلِيمِهِمْ مَا لَيْسَ يَخْفَى ضَرَرُهُ مِنَ التَّكَاسُلِ عَنْهَا عِنْدَ وُجُوبِهَا، وَالِاسْتِيحَاشِ مِنْ فِعْلِهَا وَقْتَ لُزُومِهَا، فَأَمَّا تَعْلِيمُهُمْ ذَلِكَ لِدُونِ سَبْعِ سِنِينَ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ في الغالب لَا يَضْبِطُونَ تَعْلِيمَ مَا يَعْلَمُونَ، وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى فِعْلِ مَا يُؤْمَرُونَ، فَإِذَا بَلَغُوا سَبْعًا مَيَّزُوا وَضَبَطُوا مَا عَلِمُوا، وَتَوَجَّهَ فَرْضُ التَّعْلِيمِ عَلَى آبَائِهِمْ، لَكِنْ لَا يَجِبُ ضَرْبُهُمْ عَلَى تَرْكِهَا، وَإِذَا بَلَغُوا عَشْرًا وَجَبَ ضَرْبُهُمْ عَلَى تَرْكِهَا ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ وَلَا مُمْرِضٍ، فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُؤْمَنُ عَلَيْهِمُ التَّلَفُ مِنْ ضَرْبِهَا، فَإِذَا بَلَغُوا الْحُلُمَ صَارُوا مِنْ أَهْلِ التَّكْلِيفِ وَتَوَجَّهَ نَحْوَهُمُ الْخِطَابُ، وَوَجَبَ عَلَيْهِمْ فِعْلُ الطَّهَارَةِ والصلاة وجميع العبادات
[(مسألة)]
: قال الشافعي رضي الله عنه: " فَمَنِ احْتَلَمَ أَوْ حَاضَ أَوِ اسْتَكْمَلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً لَزِمَهُ الْفَرْضُ
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ. أَمَّا الْبُلُوغُ فِي الْغِلْمَانِ، فَقَدْ يَكُونُ بِالسِّنِّ وَالِاحْتِلَامِ، فَأَمَّا الِاحْتِلَامُ فَهُوَ الْإِنْزَالُ، وَهُوَ الْبُلُوغُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} [النور: ٥٩] . وَأَمَّا السِّنُّ فَإِذَا اسْتَكْمَلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً صَارَ بَالِغًا لِحَدِيثِ ابْنِ عمر وخالفه أبو حنيفة فِي سِنِّ الْبُلُوغِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ مَعَهُ فِي كِتَابِ " الْحَجِّ " إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَأَمَّا غِلَظُ الصَّوْتِ، وَاخْضِرَارُ الشَّارِبِ، وَنُزُولُ الْعَارِضَيْنِ، فليس ببلوغ لا يختلف، فأما إِنْبَاتُ الشَّعْرِ فِي الْعَانَةِ فَإِنْ كَانَ زَغَبًا لَمْ يَكُنْ بُلُوغًا، وَإِنْ كَانَ شَعْرًا قَوِيًّا كان بلوغاً في المشركين، ولما رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَكَّمَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ فَحَكَمَ بِقَتْلِ مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمَوَاسِي، وَسَبَى الذَّرَارِيَّ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِذَلِكَ، وَقَالَ: " لَقَدْ حَكَمْتَ بِحُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ أَرْقِعَةٍ، يَعْنِي: سَبْعَ سموات. قَالَ وَكُنَّا نَكْشِفُ مُؤْتَزَرَهُمْ فَمَنْ أَنْبَتَ قَتَلْنَاهُ، وَمَنْ لَمْ يُنْبِتْ جَعَلْنَاهُ فِي الذَّرَارِيِّ. فَأَمَّا حُكْمُنَا فِي بُلُوغِ الْمُشْرِكِينَ بِالْإِنْبَاتِ فَهَلْ هُوَ بُلُوغٌ فِيهِمْ حَقِيقَةً أَوْ دَلَالَةٌ عَلَى بُلُوغِهِمْ، عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ بُلُوغٌ فِيهِمْ
وَالثَّانِي: أنه دلالة على بلوغهم، فإن قُلْنَا: إِنَّهُ بُلُوغٌ فِيهِمْ كَانَ بُلُوغًا فِي الْمُسْلِمِينَ كَالِاحْتِلَامِ، وَإِذَا قُلْنَا دَلَالَةٌ فِيهِمْ فَهَلْ يَكُونُ دَلَالَةً فِي الْمُسْلِمِينَ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute