للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَارَةً. فَلَمْ يَجُزْ مَعَ اخْتِلَافِ أَسْبَابِهِ أَنْ يَكُونَ مَقْصُورًا عَلَى أَحَدِهَا فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى الْمِلْكِ.

فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِ بِاتِّصَالِ الْبُنْيَانِ فَهُوَ أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ حُدُوثُهُ بَعْدَ كَمَالِ الْبُنْيَانِ فَجَازَ أَنْ يَدُلَّ عَلَى الْمِلْكِ لِافْتِرَاقِهِ بِهِ. وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْجُذُوعُ.

وَبِمِثْلِهِ يَكُونُ الْجَوَابُ عَنِ الْأَزُجِّ وَالْقُبَّةِ إِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ حُدُوثُ مِثْلِهِ بَعْدَ الْبُنْيَانِ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَمَّا اسْتَدَلُّوا بِهِ مِنْ رَاكِبِ الدَّابَّةِ وَقَائِدِهَا فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ أَصْحَابُنَا عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ إِنَّهُمَا فِي الدَّابَّةِ سَوَاءٌ تَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَعَلَى هَذَا يَسْقُطُ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الرَّاكِبَ أَحَقُّ بِهَا مِنَ الْآخِذِ بِلِجَامِهَا.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ وَضْعِ الْجُذُوعِ وَتَرْكِيبِهَا عَلَى الْحَائِطِ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الإجماع مانع من ركوب دابة الإنسان لا بِإِذْنِهِ، فَجَازَ أَنْ يَكُونَ رُكُوبُهَا دَلِيلًا عَلَى مِلْكِهِ.

وَالْخِلَافُ مُنْتَشِرٌ فِي أَنَّ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَضَعَ أَجْذَاعَهُ جَبْرًا فِي حَائِطِ غَيْرِهِ فَلَمْ يَكُنْ وَضْعُهَا دَلِيلًا عَلَى مِلْكِهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الرُّكُوبَ لَمَّا كَانَ تَصَرُّفًا لَا يَخْتَلِفُ حُكْمُهُ بَيْنَ وُجُودِهِ فِي الْمِلْكِ وَغَيْرِ الْمِلْكِ جَازَ أَنْ يَكُونَ دَلِيلًا عَلَى الْمِلْكِ.

وَلَمَّا كَانَ وَضْعُ أَجْذَاعِ السَّابَاطِ الَّذِي لَا يَتَّصِلُ بِالْمِلْكِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ لَمْ يَكُنْ وَضْعُ الْأَجْذَاعِ دَالًّا عَلَى الْمِلْكِ.

فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ وَضْعَ الْجُذُوعِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيُجْعَلُ بَيْنَهُمَا وَتُقَرُّ الْجُذُوعُ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَضَعَهَا بِحَقٍّ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكِ الْحَائِطَ.

(فَصْلٌ)

فَأَمَّا إِذَا تَنَازَعَا حَائِطًا فِي عَرْصَةٍ هِيَ لِأَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ يَكُونُ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَيْهِ.

وَهَكَذَا لَوْ تَنَازَعَا عُلُوَّ حَائِطٍ أَسْفَلُهُ لِأَحَدِهِمَا كَانَ لِصَاحِبِ السُّفْلِ مَعَ يَمِينِهِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ ثُبُوتِ الْيَدِ. وَلَكِنْ لَوْ تَنَازَعَا عَرْضه حَائِط هُوَ لِأَحَدِهِمَا فَفِيهِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا: -

أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا تَكُونُ لِصَاحِبِ الْحَائِطِ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ فِيهَا أظهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>