وقص الشارب، والأظافر، وغسل رؤوسهم. وَرَوَتْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ غَسَلَ رَأْسَهُ بأشنانٍ وخطمى ".
[مسألة]
: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَتَجَرَّدَ وَلَبِسَ إِزَارًا وَرِدَاءً أَبْيَضَيْنِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: هَذَا صَحِيحٌ، إِذَا اغْتَسَلَ لِإِحْرَامِهِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَجَنَّبَ لِبَاسَ مَا أَلِفَهُ مِنَ الثِّيَابِ الْمَخِيطَةِ، لِرِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا نَادَى فَقَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَا الَّذِي يَتَجَنَّبُهُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟ فَقَالَ: " لَا يَلْبَسُ السَّرَاوِيلَ، وَلَا الْقَمِيصَ وَلَا الْبُرْنُسَ، وَلَا الْعِمَامَةَ وَلَا الْخُفَّيْنِ وَلَا ثَوْبًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ أَوْ ورسٌ ". فَإِذَا نَزَعَ ثِيَابَهُ الْمَعْهُودَةَ، واغتسل لبس إِزَارًا وَرِدَاءً، وَنَعْلَيْنِ، لِرِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لِيُحْرِمْ أَحَدُكُمْ فِي إزارٍ ورداءٍ وَنَعْلَيْنِ " وَيُخْتَارُ أَنْ يَكُونَا جَدِيدَيْنِ اقْتِدَاءً بِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَنْ يَكُونَا أَبْيَضَيْنِ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " خَيْرُ ثِيَابِكُمُ الْبِيضُ، فَلْيَلْبَسُهَا أَحْيَاؤُكُمْ، وَلْيُكَفَّنْ فِيهَا مَوْتَاكُمْ "، فَإِنْ عَدَلَ عَنِ الْبَيَاضِ إِلَى الْمَصْبُوغِ، فما صبغ عزلاً قَبْلَ نَسْجِهِ، كَعُصُبِ الْيَمَنِ وَالْأَبْرَادِ وَالْحِبَرَةِ، لِأَنَّهُ بِالرِّجَالِ أَشْبَهُ، فَإِنْ لَبِسَ مَا صُبِغَ بَعْدَ نَسْجِهِ، كَانَ عَادِلًا عَنِ الِاخْتِيَارِ وَأَجْزَأَهُ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَحْرَمَ فِي ثَوْبٍ مُعَصْفَرٍ، وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ أَحْرَمَ فِي ثَوْبَيْنِ مُضَرَّجَيْنِ وَأَنَّ عَقِيلَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَحْرَمَ فِي رِدَائَيْنِ فَإِنْ أَحْرَمَ جُنُبًا وَلَبِسَ ثَوْبًا نَجِسًا كَانَ بِذَلِكَ مُسِيئًا، وَكَانَ إِحْرَامُهُ مُنْعَقِدًا؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى طَهَارَةٍ مِنْ حَدَثٍ أو نجس.
: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَيَتَطَيَّبُ لِإِحْرَامِهِ إِنْ أَحَبَّ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، أَنْ يَتَطَيَّبَ لِإِحْرَامِهِ بِمَا لَا يَبْقَى أَثَرُهُ، كَالْبَخُورِ وَمَاءِ الْوَرْدِ فَجَائِزٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْجَمَاعَةِ، فَأَمَّا أَنْ يَتَطَيَّبَ لِإِحْرَامِهِ بِمَا يَبْقَى أَثَرُهُ بَعْدَ إِحْرَامِهِ، كَالْمِسْكِ وَالْغَالِيَةِ، فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ جَائِزٌ وَلَيْسَ محرم وَلَا مَكْرُوهٌ، وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَائِشَةُ، وَمِنَ التَّابِعِينَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَمِنَ الْفُقَهَاءِ أبو حنيفة وأبو يوسف.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute