للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ أَمَةٌ وَقَدْ كَانَتْ نَصْرَانِيَّةً أَوْ أَمَةً وَقَالَ مُسْتَكْرَهَةً أَوْ زَني بِكِ صَبِيٌّ لَا يُجَامِعُ مِثْلُهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَدٌّ وَيُعَزَّرُ لِلْأَذَى إِلَّا أَنْ يَلْتَعِنَ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: جَمَعَ الشَّافِعِيُّ هَا هُنَا بَيْنَ خَمْسِ مَسَائِلَ لِاتِّفَاقِ أَحْكَامِهَا مَعَ اخْتِلَافِ أَقْسَامِهَا، وَنَحْنُ نُفْرِدُ كُلَّ مَسْأَلَةٍ مِنْهَا لِتَوْضِيحِ أَقْسَامِهَا وَأَحْكَامِهَا:

فَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إِذَا قَالَ لَهَا: زَنَيْتِ وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ، فَيُسْأَلُ عَمَّا أَرَادَ مِنْ حَالِ صِغَرِهَا فَإِنَّهُ لَا يخلو من أحد حالين:

أحدهما: أَنْ تَكُونَ طِفْلَةً لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا كَابْنَةِ سَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ فَهَذَا يَسْتَحِيلُ صِدْقُهُ وَيَتَحَقَّقُ كَذِبُهُ فَلَا يَكُونُ قَذْفًا لِأَنَّ الْقَذْفَ مَا احْتَمَلَ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ، وَيُعَزَّرُ لِلْفُحْشِ وَالْخَنَا تَعْزِيرَ الْأَذَى لَا تَعْزِيرَ الْقَذْفِ، وَلَا يُلَاعِنُ مِنْ هذا التعزير لخروجه عن حكم القذف.

والحالة الثَّانِيَةُ: أَنْ تَكُونَ مُشْتَدَّةً يُجَامَعُ مِثْلُهَا كَابْنَةِ سَبْعٍ أَوْ ثَمَانٍ، فَهَذَا قَذْفٌ لِاحْتِمَالِهِ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ لَكِنْ لَا حَدَّ عَلَيْهِ لِعَدَمِ كَمَالِهَا، وَإِنَّهَا لَوْ زَنَتْ لَمْ تُحَدَّ فَلَمْ يَجِبِ الْحَدُّ عَلَى قَاذِفِهَا وَلَكِنْ يُعَزَّرُ تَعْزِيرَ الْقَذْفِ لِكَوْنِهِ قَاذِفًا وَلَهُ أَنْ يُلَاعِنَ مِنْهُ فَيَسْقُطُ عَنْهُ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ تَعْزِيرِ الْأَذَى وَتَعْزِيرِ الْقَذْفِ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ تَعْزِيرَ الْأَذَى مَوْقُوفٌ عَلَى مُطَالَبَةِ الْإِمَامِ دُونَهَا وَتَعْزِيرَ الْقَذْفِ مَوْقُوفٌ عَلَى مُطَالَبَتِهَا دُونَ الْإِمَامِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُلَاعِنُ فِي تَعْزِيرِ الْقَذْفِ وَلَا يُلَاعِنُ فِي تَعْزِيرِ الْأَذَى.

(فَصْلٌ)

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَقُولَ لَهَا: زنيت وأنت نصرانية أو يهودية فلها ثلاثة أحوال:

أحدها: أن يعلم أنها كانت نصرانية.

والثاني: أن يعلم أنها لم تزل مسلمة. والثالث: أَنْ يَجْهَلَ حَالَهَا.

فَأَمَّا الْحَالُ الْأُولَى وَهُوَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا كَانَتْ نَصْرَانِيَّةً فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ بِقَذْفِهَا فِي حَالِ النَّصْرَانِيَّةِ لِعَدَمِ كَمَالِهَا وَيُعَزَّرُ تَعْزِيرَ الْقَذْفِ؛ لِأَنَّهُ قَاذِفٌ وَلَهُ أَنْ يُلَاعِنَ مِنْهُ، فَلَوِ اخْتَلَفَا فَقَالَتْ: أَرَدْتَ قَذْفِي بَعْدَ إِسْلَامِي فَعَلَيْكَ الْحَدُّ، وَقَالَ: بَلْ أَرَدْتُ قَذْفَكِ قَبْلَ إِسْلَامِكِ فَلَا حَدَّ عَلَيَّ، فَالَّذِي قَالَهُ أَبُو الْقَاسِمِ الدَّارَكِيُّ، وَأَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ: إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا، وَعَلَيْهِ الْحَدُّ إِلَّا أَنْ يُلَاعِنَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>